العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

57 |

- النتيجة الثانية: أن الضعف البنيوي للمؤسســات السياسية يؤثر في اختيار الناخبين لســلوك العزوف عن التصويت، فهم ال يجدون من المرشــحين من هو قادر على التعبير عن همومهم وتفضيالتهم؛ فاألحزاب السياســية تكرر في كل محطة انتخابية البرامج والوجوه نفسها؛ مما جعل المواطن يفقد الثقة فيها وفي قدرتها على التغيير. وحتى األقلية المصوِّتة يبقى دافعها المال الذي تفشى توظيفه بشكل كبير في العملية االنتخابية األخيرة جرَّاء الحياد السلبي لإلدارة، والذي أيضًا كان له دور ال يستهان به في استمالة نسبة من الناخبين للتصويت. - النتيجة الثالثة: أن ســلوك العزوف االنتخابي ينعكس بشــكل ســلبي على شرعية المؤسسات القائمة باعتبارها غير منبثقة من األغلبية الشعبية، وال تمثِّل اإلرادة العامة، وهو ما يفرغ العملية السياسية في المغرب من شرعيتها الشعبية؛ إذ تسنى للمواطن من خالل العملية االنتخابية أن يعلن احتجاجه على حكومة ال تحكم وبرلمان ال يمثل. ويتضمن فعل التمثيل بقاء السياســيين أوفياء للسياســات التي انتُخبوا على أساسها، ). وفي الحالة المغربية 29 والتي بدورها تقدم مسوِّغًا جليًّا لالنضباط الصارم للحزب( ينتفي هذا الشــرط على اعتبار أن الحكومة ال تعبر عن البرنامج الذي تعاقدت على أساسه مع الناخب خالل الحمالت االنتخابية؛ ألن طبيعة نمط االقتراع في المغرب ال يفرز أغلبية مطلقة تســتطيع تشــكيل الحكومة وفق برنامجها الحزبي؛ مما يضطر الحزب الحائز على أغلبية المقاعد إلى البحث عن شركاء يسهمون معه في تشكيل األغلبية المطلقة، وهي الحالة التي سقط فيها حزب العدالة والتنمية خالل االنتخابات ؛ فأغلبيته النيابية لم تمكِّنه من تشكيل الحكومة 2016 وســنة 2011 التشــريعية لسنة بمفرده، مما اضطره للبحث عن شــركاء حزبيين لتحقيق ذلك وهو ما يخلق إشــكال االنســجام الحكومي واأليديولوجي. فقــد يظهر التوجه المحافظ مع التوجه اليميني واليساري في حكومة واحدة بالمغرب، تضيع معها الهوية الموحدة للساهر على تدبير الشأن الحكومي بالمغرب، وتنتفي معها أيضًا جدوى البرنامج السياسي الذي تعرضه هذه األحزاب على المواطنين خالل االستحقاقات االنتخابية.

Made with FlippingBook Online newsletter