العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

| 58

خاتمة يذهــب صامويــل هنتنغتون فــي نظريته عن التحــول الديمقراطي إلــى إقرار دور االنتخابــات فــي عملية التحول، واعتبارها جوهر عمليــة االنتقال إلى الديمقراطية، وهــي أطروحة أثبتت نســبيتها فــي الحالة العربية؛ حيث يالحــظ التعايش التام بين المسلســل االنتخابي ومظاهر الســلطوية، بل تلعب االنتخابات في كثير من األحيان وظيفة الشرعنة الستمرارية السلطوية وإعادة إنتاجها بأشكال أكثر حداثة؛ األمر الذي ينطبــق على الحالة المغربية. فالمالحظ أن القابلية لالنتقال الديمقراطي في المغرب ال ترتبط ضمنيًّا بالفعل االنتخابي مهما تعددت فرص التنافسية من داخلها، فقد أثبت تراكم التجارب االنتخابية بالمغرب أن العملية االنتخابية ال تقود بالضرورة إلى إفراز نخب موجهة لصناعة القرار السياســي، نظرًا لطبيعة وخصوصية النظام السياســي في المغرب، بقدر ما تؤدي وظيفة تحديث بنية النظام السياســي دون تهديد الســتمرار مظاهر الســلطوية، وبالنتيجة تؤدي االنتخابات وظيفة هندسة التمثيلية السياسية التي تمارس من أعلى عن طريق اإلدارة وباألساس وزارة الداخلية، التي تخطط للتمثيلية عبــر الوســائل التقنية لالنتخابــات المتعارف عليها، مثل التقطيــع االنتخابي ونمط .) 30 االقتراع( رغم ما أثبتته تجارب االنتقال في ظل ما سمي بالموجة الديمقراطية الرابعة في بعض بلــدان أوروبا الشــرقية، والتي اضطلعت فيها االنتخابــات بأدوار مركزية في تحقيق انتقال الســلطة نحو الديمقراطية، فإن قــراءة الفعل االنتخابي في المغرب يجب أال تســلك نمط البراديغم الغربي لالنتقال بالنظــر إلى خصوصية البنيات المتحكِّمة في صنع السياسة بالمغرب، وهي ال تقتصر على المعطى الموضوعي للنظام بل تتخطاه إلى طبيعة النخب الحزبية، ونضج الثقافة السياسية المتحكِّمة في تصور الفرد للسياسة في المغرب. وفي الختام، يمكن أن نستخلص مما سبق درسين: رابط شرطي بين العملية االنتخابية وإقامة الديمقراطية مهما تقدمت ال يوجد - األول: تنافســية االنتخابات، وحافظت على دوريتها ونزاهتها؛ إذ يالحظ أن االنتخابات ما تنفك أن تعود إلى النقطة التي انطلقت منها عبر إعادة إنتاج أشكال السلطوية نفسها

Made with FlippingBook Online newsletter