العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

65 |

مقدمة ما إن انطلق قطار مؤتمر مدريد للسالم، والذي عُقِد في مدينة مدريد اإلسبانية، في ، حتى بشَّر الكثيرون بأن السالم الشامل هو عنوان 1991 شهر نوفمبر/تشرين الثاني المرحلة القادمة، وأن التطبيع المنتظر سيُرْسِــي دعائم الســ م في المنطقة، ويُدشِّن بداية بناء إجراءات الثقة بين أعداء األمس، ويؤدي إلى رفاه اقتصادي سُــمِّي مجازًا . وكان من شــأن تكرار هذه المقوالت على لســان " عوائد الســ م " في ذلك الوقت أنصار التطبيع والعالقة مع إسرائيل أن أكسبها مصداقية وهمية وكأنها حقيقة غير قابلة للجدل. لكن وبعد مرور قرابة ثالثة عقود على توقيع اتفاق أوســلو، باتت المنطقة أبعد ما تكون عن الســ م، ناهيك عن أن المواطن العربي لم يلمس عوائد الســ م الموعودة. وكان الفتًا أن موقف األنظمة العربية المعلن يفيد بأن الســ م يسبق التطبيع، وهكذا ، بعد أن تعهدت األنظمة العربية بصنع 2002 جاءت مبادرة الســ م العربية في عام السالم والتطبيع مع إسرائيل لقاء موافقة األخيرة على االنسحاب إلى حدود الرابع من . لم تحفل إسرائيل بهذا العرض العربي، فالمجتمع اإلسرائيلي 1967 يونيو/حزيران كان يتحرك إلى اليمين وفيه أصبحت الحكومات المتعاقبة مُمَثِّلَة لمصالح االحتالل واالستيطان. وعليه، أصبح صنع السالم أقرب ما يكون إلى تمرين أكاديمي في حين أن إســرائيل كانت تُغيِّر من األمر الواقع تدريجيًّا لخلق واقع جديد واســتكمال آخر حلقات المشروع الصهيوني في فلسطين. مــع اندالع ثورات الربيع العربي تغيرت البيئــة اإلقليمية، وتبدلت تبعًا لذلك قاعدة األعداء واألصدقاء، وشــهدت حالة من سيولة التحالفات ما خلق أولويات متضاربة ذهبت أدراج الرياح مع " الســ م يســبق التطبيع " لألنظمة العربية. وعليه، فإن مقولة: بروز مقاربة تُعلِي من شــأن التطبيع والتحالف مع إسرائيل قبل تحقيق السالم القائم على إنهاء حالة آخر احتالل كولونيالي في العالم على أرض فلسطين. وحاول اليمين اإلسرائيلي مدعومًا بالرئيس دونالد ترامب طرح مقولة السالم معكوسًا، أي إن السالم والتطبيع بين إســرائيل والدول العربية األخرى ســيكون متطلبًا سابقًا لتحقيق السالم .) 1 بين الفلسطينيين وإسرائيل(

Made with FlippingBook Online newsletter