العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

67 |

التطبيــع يعني العودة إلــى الوضع الطبيعي في العالقات بين بلدين ما، وهذا يتطلب تحقيــق شــرطين، هما: ضــرورة العودة إلى وضع طبيعي، وأن الوضع الذي ســبق التطبيع كان غير طبيعي. لكن في الحالة العربية-اإلســرائيلية، لم يكن هناك عالقات دبلوماســية بين العرب وإســرائيل قبل حالة الحرب، بل إن إسرائيل نفسها قامت في خضم حرب مع الفلسطينيين ثم مع عدد من الدول العربية. لذلك، يكتنف الغموض مفهوم التطبيع في الحالة العربية-اإلسرائيلية. وقد ظهر مفهوم التطبيع في إســرائيل للمرة األولى في ســتينات القرن الماضي عندما كانت إسرائيل ). وحينها كانت 3 وألمانيا الغربية تتفاوضان لتدشين عالقات دبلوماسية بين البلدين( إســرائيل تُفرق بين تطبيع العالقات بين الحكومات من جانب والشعوب من جانب آخر. ففي رســالة بعث بها رئيس الوزراء اإلســرائيلي، ليفي إشكول، إلى المستشار إن اتفاقًا كهذا ســيكون بمنزلة تطبيع للعالقات " األلماني، كونراد أديناور، جاء فيها: . فهناك درجات متفاوتــة للتطبيع تبدأ بين " بيــن الدولتيــن، لكن ليس بين الشــعبين ). ويبدو 4 الحكومات، لكن أعلى هذه الدرجات عندما يكون التطبيع بين الشــعوب( أن إشكول كان يستوعب جيدًا صعوبة التوصل إلى تطبيع بين األلمان واليهود، وتنبَّأ أن ذلك سيســتغرق أجيا ًل عديدة. بالفعل كان إشــكول محقًّا عندما أشار في رسالته إلى مستويات مختلفة من التطبيع أعالها هو المصالحة بين الشعبين. المرة الثانية التي تناول فيها اإلسرائيليون مفهوم التطبيع كانت في خضم المفاوضات . فاتفاقيات 1979 المصرية-اإلســرائيلية التي توجت باتفاقية ســ م في مارس/آذار بين مصر وإســرائيل، ويبدو أن " عالقــات طبيعية " كامــب ديفيــد نصَّت على إقامة الجانــب المصــري عندما أصر على هذا النص كان بهدف خلق حالة من الغموض، إال أن الجانب اإلســرائيلي فســر ذلك بأنه تطبيع. وبهذا الخصوص، يفيد الســفير اإلســرائيلي الســابق في مصر، شيمون شامير، بأن االتفاقية تشير إلى أن النزاع ليس فقط على األرض، بل إنها اتفاقية تســتند إلى ما أســماه بحق إســرائيل في الوجود. فمصر وفقًا لهذه المعاهدة كانت ستســترد أرضًا محتلة، أي أشــياء ملموسة، وعليه كانت إسرائيل تجد صعوبة في التسليم بهذا دون الحصول على نتائج ملموسة على .) 5 رأسها التطبيع( في الحالة العربية، اكتســب التطبيع داللة ســلبية منذ دخوله إلى الخطاب العربي في

Made with FlippingBook Online newsletter