77 |
المركزان أبحاثًا مشتركة لقياس الرأي العام في كل من إسرائيل واألراضي الفلسطينية. شمل التطبيع مجاالت أخرى أبرزها الجانب االقتصادي، فاالقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل كامل على االقتصاد اإلسرائيلي، وهو في حالة تبعية أكدت عليها إسرائيل في . فاالتفاق يضع العراقيل أمام أي نشاط اقتصادي 1994 اتفاق باريس االقتصادي لعام فلسطيني بمعزل عن إسرائيل، فهناك معايير إسرائيلية في مسائل االستيراد والتصدير ما جعل من الضفة الغربية سوقًا خاصة لمنتجات إسرائيل. ومؤخرًا، أثار سفر مجموعة من الفلســطينيين من مطار رامون اإلســرائيلي بد ًل من التوجه الستخدام المطارات األردنية جدًل واسعًا بين الفلسطينيين أنفسهم وكذلك مع األردنيين الذي عبَّروا عن اســتيائهم من خطوة بعض الفلســطينيين. غير أن الواقع يشــير إلى أن حركة التنقل للفلســطينيين محكومة بفعل القوانين اإلسرائيلية، وكذلك السيطرة الميدانية للقوات اإلسرائيلية على كل المعابر والحدود. ومن جانب آخر، اضطرت الســلطة الفلســطينية التي جاءت في أعقاب اتفاق أوسلو إلى االلتزام بتعهداتها األمنية تجاه إســرائيل، ويُعد التنسيق األمني أبرز أوجه التطبيع بين السلطة وإسرائيل. وهذا ليس أمرًا جديدًا، فالتعاون األمني بين الطرفين جاء وفقًا التفاق أوسلو، وهو أمر أثار -وما زال- الجدل في الساحة الفلسطينية، ألنه مستمر على الرغم من تنكُّر إســرائيل الســتحقاقات اتفاق أوسلو. ولم تُفلِح كل محاوالت المثقفين الفلســطينيين في إقناع القيادة الفلسطينية في رام الله بوقف التنسيق األمني الذي يجري لصالح إســرائيل. أخذ التنســيق األمني بعدًا مؤسســاتيًّا بعد أن لعبت الواليات المتحدة األميركية دورًا كبيرًا في تنظيم هذا التعاون؛ إذ شــكَّلت مجلسًــا ، بقيادة الجنرال األميركي، كيث دايتون، 2005 خاصًّا لهذا التنســيق، في مارس/آذار الذي أشــرف بنفســه على تدريب أجهزة الســلطة األمنية لرفــع قدراتهم على منع العمليات المســلحة للمقاومة. والحق أن دايتون كان مصرًّا على إدخال الفلسطينيين بالمؤسسات األمنية في دورات مكثفة الهدف منها خلق روح جديدة وعقيدة جديدة ترى في منع أعمال المقاومة أمرًا يصب في صالح الفلسطينيين. شــكَّل التطبيع بين الفلســطينيين وإســرائيل حالة فريدة، فمن جانب ال يمكن النظر إلى االنســحاب الجزئي اإلســرائيلي إال في إطار عملية إعادة االنتشار مع محاصرة الفلســطينيين الذين ال يمكن لهم تدبير أمورهم من دون عالقة ما مع المؤسســات
Made with FlippingBook Online newsletter