العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

79 |

التوسع والتطبيع معًا؛ األمر الذي كان اليسار اإلسرائيلي يشكِّك فيه. تســعى إسرائيل إلى التطبيع حتى تكسب الشــرعية اإلقليمية وكذلك لرفع المقاطعة عنها. وفي النقاشات اإلسرائيلية تجد أن اإلسرائيليين يُحمِّلون العرب رفض التطبيع وليس إســرائيل، ويدور النقاش عادة حول ما إذا كانت إســرائيل جزءًا من الشــرق األوســط أم من العالم الغربي. وهي لن تنجح في إقامة عالقات طبيعية مع العرب إذا اســتمرت في رؤية نفســها جزءًا من العالم الغربي. كما يشير هذا النقاش إلى أن إســرائيل تسعى للتطبيع مع العرب لدمج نفسها في الشرق األوسط لتحقيق الهيمنة، بمعنى أن التطبيع ليس غرضًا بحد ذاته وإنما وســيلة هيمنة. في كتاباته الكثيرة عن موضوع التطبيع، يسلِّم شيمون شامير بأن على إسرائيل بذل المزيد من الجهد لكسب ثقــة الجانــب العربي وهو أمر متعذر، ألنه وباختصار شــديد ال يمكن فصل العالقة العربية-اإلســرائيلية عمَّا يدور بين الفلســطينيين واإلســرائيليين. وهنا تكمن جذور السالم البارد لوصف محدودية العالقة مع إسرائيل. ما يهمنا في هذا الموضوع أن العرب كانوا واضحين بشأن التطبيع الذي يأتي بعد أن يتحقق الســ م الشــامل غير أن دو ًل عربية تخلت عن هذه المقاربة وقامت بالتطبيع مع إسرائيل بل وبالتحالف معها دون أن تبدي إسرائيل أي اهتمام لفكرة االنسحاب من األراضي المحتلة أو حتى الموافقة على دولة فلســطينية مســتقلة (مزيد عن هذه المقاربة في المحور التالي). هنا علينا أن نســجل مالحظة مهمة، وهي أن الســ م والتطبيع لم يسهما في حل القضية الفلسطينية، وعلى العكس من ذلك زادت إسرائيل في تطرفها وحدة ممارســاتها االحتاللية، وترى أن التطبيع ما هو إال وســيلة لضمان قبول صهيونيتها وسياساتها التوسعية واالستيطانية. . السالم الدافئ وحضور التطبيع 2.2 في مســعاه إلقناع كافة األطراف للتوصل إلى حل نهائي للقضية الفلســطينية، طرح الرئيس دونالد ترامب أفكارًا، أو ما عُرف الحقًا باسم صفقة القرن، تقوم على فكرة الســ م معكوسًــا لكن دون تحقيق الحد األدنى من مطالب الفلسطينيين في التحرر واالســتقالل، واألهم أنها فُهِمَت عند الفلسطينيين واألردنيين مث ًل باعتبارها محاولة لإلجهاز على القضية الفلســطينية خدمة للمشروع الصهيوني ولمساعدة إسرائيل في

Made with FlippingBook Online newsletter