نعتقــد أن التضامــن الذي أبدته نابلس في مواجهة الكارثة يشــكّل نموذجًا من الماضي لاستيعاب اللاجئين، وهو نموذج له تبعاته في المستقبل. واكب اندلاع الأزمة السورية تدفق كبير من اللاجئين على أوروبا وغيرها، فركزت الأوساط البحثية على المشــاركة الدولية وجهود الحكومات المحليــة والمنظمات غير الحكومية لتخفيف الأزمــات. أما اســتجابات المجتمــع على إطلاقه فظلت متروكــة للتغطية الإعلامية الظاهرية التي كرست تركيزها على الجوانب السلبية لرهاب الأجانب والارتياب. إن النظر في الوثائق يؤكد أن الحالة التاريخية المذكورة ليســت حالة تقصّي رعاية فلســطينيين لآخرين من بني جلدتهم، بل هي تجربة إنســانية شــاملة جعلت شرائح من ذلك المجتمع وقادته مبادرين إلى إبداء التعاطف تجاه أزمة حاقت ببشر مثلهــم؛ فهي عملية معقدة ليس مآلها على الدوام إلى تلك النوعية من المســاعدة . لقد توسعنا بعض الشيء في هذا الجانب 1948 المهولة التي شهدتها نابلس في كوننا استشعرنا أن دور ذلك التعاطف الإنساني الحميد في عملية استيعاب اللاجئين لم يلق نصيبه اللائق من البحث في دراسات اللاجئين. ومن واقع الدراسات النظرية في هذا الموضوع أيقنّا أن المســاعدات لم تكن مســألة عون مادي فحســب، بل . ( (( شملت جهودًا مهنية وعاطفية لتهدئة النفوس وبث الطمأنينة وتقديم الدعم وختامًا، فللمرء أن يفترض ما كان ليحدث لو أن إســرائيل سمحت للمجتمع الفلسطيني في الدولة باستيعاب اللاجئين الفلسطينيين على النحو ذاته لدى فرارهم . فعلى النقيض من الحالات التاريخية الأخرى، لم يكن 2012 من ســوريا عقب الاستيعاب عندئذ لبشر يشاطرونهم الجنسية أو الإثنية أو الدّين أو الثقافة فحسب، بل كان ليضم أقارب من درجات عليا في الكثير من الحالات. كان الأصل المشترك مــن حيث المنطقة أو حتى الجنســية، وكذلك الثقافــة التقليدية المتوارثة عن كرم الضيافــة -فــي كل تلك الحالات- من العوامل المحفوفــة بانعدام الموارد والبنية الأساسية، وفي ذلك نموذج حري بالتحسين والتمكين في المستقبل. ، انظر أيضًا: ديكت، إس؛ ساغالا، إن؛ 3 بالإضافة إلى المصادر التي ذكرناها في الحاشية ( ( ( الدوافع الفعالة إلى مساعدة الآخرين: " .) 2011 أكتوبر/تشرين الأول 10 سلوفيتش، بي ( 24 . دورية جورنال أوف بيهيفيورال ديسيجن-ميكينغ. " نموذج لقرارات المنح ثنائي المراحل . 376-361 :) 4 (
Made with FlippingBook Online newsletter