نــصــيــرالــديــنالــطــوســي، أستاذالكائنات لم يرق له ما كان قد نادى به أرسطو في أشكال الحركة (إما خطية أو دائرية)، فقد تمكن الطوسي من إبداع طريقة رياضية عرفت فيما بعد بمزدوجة الطوسي نقضت نظرية أرسطو والتي كانت تنصّ على أن الحركة إما خطية أو دائرية، حيث أثبت الطوسي بأنه من الممكن أن تنتج حركة خطية من حركتين دائريتين. ويعتقد العديد من العلماء بأن مزدوجة الطوسي وجدت طريقها لمكتبة الفاتيكان بعد سقوط القسطنطينية عام م لتصل إلى نيكولاس كوبرنيكوس الذي اعتمد عليها 1453 في نظريته الشهيرة مركزية الشمس والتي غيرت علم الفلك جذرياً وأنهت الاعتقاد السائد بأن الأرض هي مركز الكون.
اعتبره العالم والمؤرخ ابن خلدون أحد أعظم علماء الفرس، هو محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، المشتهر بنصير الدين الطوسي وبالمحقق الطوسي، ولد في طوس، وهي ناحية في خراسان شمالي شرق إيران. وفي العشرين من عمره اجتاح المغول بقيادة جنكيز خان منطقة خراسان، واضطر الطوسي للجوء إلى قلاع الإسماعيليين المحصنة للنجاة من بطش المغول، وأصبح الطوسي الوزير المطلق لدى الإسماعيليين، حيث ارتقى عندهم لرتبة أطلقوا فيها عليه لقب أستاذ الكائنات. كان الغزو المغولي الثاني بقيادة هولاكو حفيد جنكيز، وكان هذا الغزو أكثر ضراوة من الغزو الأول فحتى قلاع الإسماعيليين كانت عاجزة عن صد هذا الغزو. فأرسل هولاكو إلى ركن الدين خورشاه يطلب منه الاستسلام، فاستشار ركن الدين خاصته وأركان دولته فأشاروا بالتسليم، ليقينهم بأن المقاومة ميؤوس من نتيجتها، فمضى ركن الدين وبصحبته أولاده ونصير الدين الطوسي والوزير مؤيد الدين والطبيبان موفق الدولة ورئيس الدولة. فغدر هولاكو بهم فقتل ركن الدين ومن معه واستثنى من ذلك الطوسي والطبيبين موفق الدولة ورئيس الدولة، إذ أنه كان عارفاً بمكانة الطوسي العلمية والفكرية، وعارفا كذلك بمكانة الطبيبين. أصبح الطوسي في قبضة هولاكو الذي كان مولعاً بعلم التنجيم والذي كان يجيده الطوسي. وهناك قصة تروي الحديث الأول الذي دار بين هولاكو ونصير الدين، حيث كان هولاكو قد سمع بالمكانة العلمية للأخير في علم الفلك فيقول: أنت تطلع إلى السماء؟ فقال له: لا، فقال: ينزل عليك ملك يخبرك؟ فقال
له: لا، فقال له: هولاكو، فمن أين تعرف؟ قال نصير الدين: بالحساب، فقال: تكذب، أرني من معرفتك ما أصدقك به، وكان هولاكو جاهلاً قليل المعرفة، فقال له نصير الدين: في الليلة الفلانية في الوقت الفلاني يخسف القمر. قال هولاكو: احبسوه إن صدق أطلقناه وأحسنا إليه، وإن كذب قتلناه فحبس إلى الليلة المذكورة، فخسف القمر خسفاً بالغا فاتفق أن هولاكو تلك الليلة غلب عليه السكر، فنام ولم يجسر أحد على انتباهه، فقيل لنصير الدين ذلك، فقال: إن لم ير القمر بعينيه وإلا فأغدو مقتولاً لا محالة، وفكر ساعة ثم قال للمغول: دقوا على الطاسات وإلا يذهب قمركم إلى يوم القيامة، فشرع كل واحد يدق على طاسة، فعظمت الغوغاء، فانتبه هولاكو بهذه الحيلة ورأى القمر قد خسف فصدقه وآمن به، وكان ذلك سبباً لاتصاله بهولاكو. كتب نصير الدين في المثلثات والفلك والجبر والهندسة والحساب والتقويم والطب، كما وأضاف في الجغرافية والمنطق والأخلاق والموسيقى، وغيرها من المواضيع.
61
Made with FlippingBook Learn more on our blog