أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

توقف أو تعثر عجلة النشــاط الاقتصادي انعكس ســلبا على نشــاط المجتمع المدنــي، إذ لم تســتمر في النشــاط والعمل إلا المنظمــات والجمعيات التي استفادت من المنح المقدمة من المنظمات والهيئات الدولية. وبالعــودة إلى الإطار المفاهيمي، فإن إشــكالية المجتمع المدني في ليبيا هــي أنه لم يتأســس وفق مقاربــة التفاعل الإيجابي بين ركنــي الفعل ورافعتي الانتقــال وهما الحكومة والمنتظم المدنــي، فالديمقراطية التي تقوم على نظام سياسي يعلي من قيمة المجتمع المدني ودوره في الانتقال والبناء المؤسسي لم تتحقق، كما أن ارتباك المسار الديمقراطي وغياب الحكومات الديمقراطية التي تدعــم مقومات التحول الديمقراطي، ضيّقَا على المجتمع المدني وأخرجاه من دائرة التأثير الإيجابي وأفقداه القدرة على دعم عملية الانتقال. ولا يزال المجتمع المدني في هذه الحلقة المفرغة حتى اليوم. ولقد جر الصراع السياسي الذي تحول إلى تنازع اجتماعي ذي طبيعة قبلية وجهوية قطاعا من نشطاء المجتمع المدني ومنظماتهم إلى الاصطفاف السياسي والجهوي، فأفقد هذا الاصطفاف قطاعا من المجتمع المدني مصداقيته وبالتالي فعاليته. ويحتاج المجتمع المدني في ليبيا إلى إنعاش وتوعية ليضطلع بدوره البنيوي الحيوي في الانتقال الديمقراطي والبناء المؤسسي، كما يحتاج إلى دعم ليطور من قدراته المؤسســية فيتمكن أن يكون الرقيب على الحكومة والمنشــأ لكثير من السياسات والمشاريع والبرامج الأساسية لتحقيق الانتقال والاستقرار والبناء الصحيح لمؤسسات الدولة. . الأح ازب السياسية وتحدي الانتقال الديمق ارطي 8 تجربة الأحزاب السياسية فقيرة جدا في التاريخ السياسي الليبي المعاصر، م، وأصبحت معدومة تماما في حقبة أربعين 1951 خاصة بعد استقلال البلاد عام عامــا التــي حكم فيها القذافي، بل إن نظام العقيــد ورّث ثقافة معادية للانتظام السياســي، وســاعدت على تكريس إرث القذافي الأجواء الملبدة التي تأسست ونشــطت فيها الأحزاب، وممارســتها التي لم تكن قريبــة من متطلبات مرحلة الانتقال والتأسيس الصحيح له.

112

Made with FlippingBook Online newsletter