أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

الفصل الخامس الانقسام السياسي ومشروع عسكرة الدولة

بذرة الانقســام السياسي غرست منذ الأشهر الأولى من تفجر ثورة السابع عشر من فبراير/شباط، وبوادر الانقسام لاحت بوضوح مع تنامي الخلافات بين الفواعل السياســية الرئيســية في المؤتمر الوطني ومن يدعمها من قوى سياسية ومكونات اجتماعية وجهوية وتشكيلات مسلحة. وقائع عدة صورت أزمة ما بعد الثورة، وكان أبرزها الخلاف الذي تحول إلى نزاع بين الفرقاء السياسيين، والبداية كانت مع التيار الفيدرالي، خاصة ذوي النزعة الجهوية الحادة ضمن مكوناته، ثم النزاع بين التيارين الليبرالي والإسلامي، الذي طغى بشكل أكبر على غيره من الخلافات وأخذ بعده التنظيمي والسلطوي في فترة المؤتمر الوطني العام، ليتحول النزاع بعدها إلى صدام مسلح ومواجهات كبيــرة بعــد إطلاق عمليتي الكرامة وفجر ليبيا اللتين لحقتا انتخاب البرلمان في م. 2014 يونيو/حزيران ثم أخذ الصراع أشكالا وأبعادا أخرى، ليصل إلى محطة هجوم حفتر على م، وبرغم هزيمة حفتر والولوج إلى المســار 2019 العاصمة في إبريل/نيســان الســلمي السياسي، فإن مؤشــرات عديدة تؤكد أن نهاية الانقسام لم تحن بعد، وبأن الحرب غير مستبعدة ولو في شكل مواجهات محدودة أو متقطعة. ولهذا الانقســام أســبابه التي تعددت من الخلافات الجهوية والقبلية إلى صــراع النفوذ والتحكم في مفاصل الدولــة فالتدخلات الخارجية التي وجدت أرضيــة في الداخــل ووظفت التناقضات السياســية والأيديولوجية والاقتصادية والاجتماعية للتأثير في المشهد وتوجيه الأحداث بما يخدم أجنداتها. أولا: إرهاصات الانقسام السياسي التحفــظ الذي أبدته رموز سياســية مرموقة علــى أداء المجلس الانتقالي الوطنــي أخــذ اتجاها موضوعيا بحكم أن أداء المجلــس الانتقالي لم يكن في مســتوى الأحداث بل إنه تورط في ممارســات شــكلت عبئا كبيرا على الثورة

123

Made with FlippingBook Online newsletter