وضــع أكثر تعقيدا عنوانه فتح ســاحات جديدة للنزاع السياســي والاجتماعي والصراع المسلح، أو التقسيم. إن فكــرة إحالة الملفــات الحيوية التي هي محل نزاع بين مجلس النواب والأعلــى للدولة إلى ملتقى الحوار السياســي لم تكن فعالــة دائما، والاختبار الحقيقــي كان ملف الأســاس الدســتوري للانتخابات، وبالتالــي فإن الاتجاه الصحيح يكون من خلال تحرير النواب والأعلى للدولة من الضغوط والقيود، خاصــة ضغوط حفتر على النواب، وكذلك القطع بينهما وبين المصالح الفئوية والشخصية. لقــد أثبتــت تجربة نزاع أعضــاء ملتقى الحوار السياســي وخلافهم حول القاعــدة الدســتورية ثم تفــرد البرلمان بإصدار قانون انتخــاب الرئيس وقانون انتخاب مجلس النواب، أن الملتقى لا يختلف كثيرا عن النواب والأعلى للدولة، وأن أزمة البلاد والعائق أمام التوافق الحقيقي والمصالحة الشــاملة يكمنان في القوى الفاعلة المؤثرة في السياسة والقرار، وأبرز تلك القوى المعيقة هي حفتر وأنصاره، دون أن نقلل من الدور الســلبي للقوى العسكرية والسياسية الأخرى. وبالتالي فإن تصحيح المســار السياسي وتحقيق الوفاق الحقيقي ينبغي أن يتجه إلى الأسباب الرئيسية للتأزيم والمعرقلين الرئيسيين للعملية السياسية. اربعا: مظاهر التأزيم بعد تنفيذ الاتفاق كما سبقت الإشارة إليه، لم تكن الضمانات التي تحدثت عنها البعثة الأممية إلى ليبيا كافية لسير الاتفاق بخطى حثيثة، كما أن حالة التفاؤل كانت خلافا لما هو متوقع فعلا، وتحولت التحديات إلى تهديد للاتفاق، تلك التحديات التي تم استعراضها في هذا المبحث. فقد دخل الاتفاق منعرج التأزيم بعد أســابيع قليلة من منح الثقة للحكومة مــن قبل البرلمان، وأســباب التأزيم تعود أولا إلى مماطلــة البرلمان في إقرار الميزانية العامة وأســباب المماطلة تتداخل بين الاقتصادي والسياســي، وتقييد صلاحيــات رئيس الحكومــة خاصة على صعيد فرض نفوذ الحكومة على كافة ربوع البلاد، ثم اســتمرار خليفة حفتر في فرض واقع سياســي وأمني وعسكري
199
Made with FlippingBook Online newsletter