.. لذا فإنه من المنطقي القول إن حكم القذافي، علاوة على " والاجتماعي الثوري الكبت والقهر والعنف والإخفاق في تحقيق نقلة على مستوى الحكم ومؤسساته وعلاقة الســلطة بالمجتمع والفشــل في تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، تسبب في إصابة الدولة والمجتمع بحالة من الشلل والخلل في القيم والمفاهيم. لقد انحرف الاتجاه الفوضوي الذي تلبس به القذافي وجعله جزءا من ســلوك مؤسســات الدولة وثقافة المجتمع عن مســيرة التحديث الذي تبلورت ملامحه بوضــوح أكثــر قبيل مجيء القذافي للســلطة خاصة مرحلــة الإدارة البريطانية والمملكة، وانحدر بالبلاد إلى مستوى متدنّ من التخلف، لا تزال مظاهره وآثاره مشاهدة حتى الوقت الراهن. إنّ خطابــات وتصرفات وآراء القذافي الغريبة كانت محل ســخرية وتندر لغرابتها، وكانت غرابة تلك الآراء والتصرفات بادية في ملبســه ولغة جســده، ومواقفه في الملتقيات والمحافل العربية والدولية، وفي نظرته للدين والسياســة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، وقراءته للتاريخ وتفســيره لما يجري حوله، ولم تكن شــخصية ومحدودة الأثر، بل وجدت مســاحتها وتأثيرها الأكبر في إدارة الدولة وتوجيه المجتمع، فكان نتاجها تشوهات كبيرة، أسهمت في التمرد عليه، ولا تزال نتائجها ظاهرة في الواقع المأساوي اليوم. إنها مشكلة الاعتقاد بامتلاك الفكر الأوحد والحق المطلق التي تلبس بها القذافي، فهي ورطة وجودية قاتلة للجميع: الحاكم والمحكوم، الشــعب والنخبة، كما يستخلص الباحث التونسي . ((( منصف وناس وبآليــة التحليل السياســي يمكن القول إن القذافي قوّض شــرعيته بيديه، وعرّض نظامه للسقوط باختياره، فالشرعية الثورية، التي اعتمد عليها في تثبيت يونيو/ 23 حكمه، والتي مثلت امتدادا للانقلابات الكبرى وفي مقدمتها انقلاب في مصر، تقوضت بسبب الصدام الذي وقع فيه القذافي مع كافة 1952 حزيران الأنظمة العربية ثم الأنظمة الغربية وإصراره على تزعم النظام العربي وفق رؤيته الراديكالية، أما ورقة مناصرة القضية الفلســطينية ومقارعة الكيان الصهيوني فقد انتهت إلى التسليم بوجود إسرائيل واقتسام الأرض والسلطة مع الفلسطينيين في . 39 مصدر سابقص " ليبيا التي رأيت " وناس (((
30
Made with FlippingBook Online newsletter