أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

الفصل الثاني اندلاع الثورة.. استجابة الداخل وتفاعل الخارج

لم يكن ثمة شك في أن إخفاقات العقود السابقة للثورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لابد أن تجد طريقها في شــكل من أشكال التغيير ويكون لها تأثيــر كبيــر على مجرى الأحداث، غير أن ما حــدث فاق أثره التوقعات، وهو الزمن المســتغرق بين بداية الهبة وسقوط النظام نهائيا، وحجم التفاعلات على المستويين الداخلي والخارجي، واتجاه الثورة وتطورها. وبرغــم وقوع ثورتين شــرق وغرب البلاد، في تونــس ومصر، وبلوغهما نتائج كبيرة بتخلي رأسَــي الســلطة عن الحكم، ثم انطلاق شــرارة الثورة بداية في مدينة بنغازي، ثم ما وقع من 2011 من الخامس عشــر من فبراير/شــباط أحداث كبرى في مدينة البيضاء شــرق بنغازي، يومي الســادس عشــر والسابع عشــر، ليكون صداها أكبر وأكبر في بنغازي منذ اليوم الثامن عشــر، بالرغم من ذلك كله فقد ظل غامضا لدى جل المتابعين والمراقبين ما يمكن أن تسفر عنه الثورة، ومرت فترات بين شــهر فبراير/شباط بداية الثورة، وشهر أغسطس/آب تاريخ سقوط العاصمة، وسيناريو التسوية السياسية أو استمرار سلطة النظام على المنطقة الغربية -عبر التقسيم- لا يزال محتملا. ولقد كان الفارق الجوهري هو رد فعل النظام، ممثلا في القذافي وأسرته ودائرته المقربة، الذي تمحور حول العزم على مقاومة الثورة واستخدام المتاح مــن القوة لوأدها، وذلــك بالمقارنة بما وقع في مصــر وتونس. فبرغم تعاظم الضغــوط من الداخــل والخارج، فقد اختار القذافي ألا يقف عند المحطة التي وقف عندها زين العابدين وحسني مبارك فيجنب البلاد ويلات الحرب، بل أصر على أن يستمر في العنف دون تقدير للعواقب، ليس فقط على شخصه وأسرته ونظامه، بل على البلاد، فلقد كان اختياره مدمرا وآثاره التدميرية لا تزال ملازمة للأحداث حتى اليوم.

33

Made with FlippingBook Online newsletter