أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

كما كان للنزاع الفكري أو الأيديولوجي، الإســ مي الليبرالي، أثره المبكر على سير عملية الانتقال الديمقراطي، وظل هذا النزاع أحد أبرز أسباب التأزيم التي عرفتها البلاد، ولا تزال تعاني من تبعاته. طُرحت أيضا ملفات تتعلق بكيفية حماية الثورة ومعاقبة من ناصروا النظام في فترات حكمه ووقفوا معه في عنفه ضد الثوار، وكان هذا الملف محل جدل أسهم في الانتقال بحالة التأزيم خطوات نحو التعميق. يضاف إلى ذلك توجهات وممارســات السلطة التشريعية والتنفيذية وفشلهما في معالجة الملفات الحيوية الكبرى من مثل بناء المؤسســتين العســكرية والشــرطية وملف الثوار الذي له علاقة بالملفين السابقين، والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وتحريك عجلة الاقتصاد وتحسين مستوى الخدمات العامة. وســنحاول في هذا الفصل أن نتتبع بالمعلومــات والتحليل الظروفَ التي نشأت فيها سلطة الثورة وكيف ألقت بظلالها على خياراتها ومواقفها، والمقاربات الرسمية والأهلية لمسار الانتقال وبناء المؤسسات الديمقراطية وما يتبع ذلك من قضايا تخص الحريات والحقوق والأمن والرفاه الاقتصادي والاجتماعي. المجلس الانتقالي بداية ينبغي قبل البحث في خيارات المجلس الانتقالي الوطني للتأســيس لمرحلة الانتقال الديمقراطي وبناء المؤسسات الديمقراطية أو الدستورية أن ننوه إلى خصوصية تأسيس المجلس ذاته وكيف ألقت هذه الخصوصية بظلالها على أدائه. نشــأ المجلس الانتقالي في فراغ ســلطة وغياب مؤسسات، وصار منوطا به التصدي لتحديات ومخاطر تواجه الثورة، والإشــراف على عملية إعادة بناء المنظومة الرســمية في المجالين السياسي والأمني، ولقد شكل عدم الاستجابة الكاملة لقطاعات حيوية من قوات مسلحة وشرطة وقضاء فضلا عن القطاعات الخدمية والإنتاجية تحديا كبيرا أمام إدارة المرحلة الانتقالية. من ناحية أخرى، عانى المجلس الانتقالي منذ تأسيســه وحتى بعد اكتمال أعضائــه من ضعف ظاهر راجع بالأســاس إلــى أن دواعي ضم معظم أعضائه كانت متعلقة بضغوط مرحلة التحرير، وليس احتياجات مرحلة التأسيس والبناء.

56

Made with FlippingBook Online newsletter