النخبة الإسرائيلية الجديدة

لعبت الظروف التي مهدت لانطلاق الحركة الصهيونية، التي أخذت على عاتقها تطبيق منطلقاتها الأيديولوجية وإحالتها إلى واقع جيوسياسي تجسد في إقامة إسرائيل، دورًا حاسمًا في تحديد طابع وتركيبة النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية التي احتكرت التأثير على الفضاء العام في إسرائيل بعد الإعلان عن إنشاء الدولة. فقد انطلقت الحركة الصهيونية أواخر القرن التاســع عشــر في أوروبا وروسيا، على أيدي قيادات يهودية علمانية، للمطالبة بتدشــين وطن قومي لليهود في فلســطين من خلال دفع اليهود للهجرة إلى هناك وبناء مستوطنات وتشكيل مؤسسات تمثل نواة لهذا «الوطن». وقد عمد مؤسســو ورواد الحركة الصهيونية مــن العلمانيين إلى تحدي الإرث الدينــي اليهودي، الذي رأى في وجود اليهود في الشــتات بمنزلة تكفير عن ذنوبهم؛ . )1( وأن عودتهم إلى أرض الميعاد تتسنى فقط بقدوم المخلّص المنتظر وقد ناصبت الأغلبيةُ الساحقةُ من التيارات الدينية اليهودية في أوروبا ومرجعياتها الحركةَ الصهيونيةَ العداءَ ورفضت التعاون معها أو لعب أي دور في المؤسسات التي بنتها والمشــاركة في أنشــطتها. ولم يتعاون مع الحركة الصهيونية إلا عدد قليل من الحاخامات، الذين دشنوا فيما بعد تيارًا دينيّا جديدًا أُطلق عليه التيار الديني الصهيوني أو التيار الديني القومي؛ في حين أُطلق على التيار الديني الذي رفض الفكرة الصهيونية ورفــض التعاون مع القيادات العلمانيــة التي أخذت على عاتقها تطبيقها التيارَ الديني الحريدي. وقــد أفضى تصــدي العلمانيين الغربيين لقيادة لحركــة الصهيونية واضطلاعهم بمهمة تخطيط وتنفيذ المشــاريع الهادفة للتمهيد لإقامة الوطن القومي في فلســطين إلى تمكينهم من احتكار مواطن التأثير في المشروع الصهيوني. فقــد كان العلمانيون الغربيون هم عماد موجــات الهجرة اليهودية المنظمة إلى فلســطين مطلع القرن العشرين، مما مكنهم، ليس فقط من قيادة المؤسسات السياسية والعسكرية الصهيونية التي دُشّنت في فلسطين قبل الإعلان عن إسرائيل في الخامس للإحاطة أكثر بتطور المواقف الدينية اليهودية من الحركة الصهيونية، انظر: عبد الغفار الدويك، الحالة ((( .) 2004 دراسة تحليلية، (القاهرة، المكتب المصري الحديث، ó الدينية في إسرائيل

25

Made with FlippingBook Online newsletter