النخبة الإسرائيلية الجديدة

التحولات الاقتصادية انتقلت إســرائيل -مطلع ثمانينات القرن الماضي- إلى تبني اقتصاديات السوق؛ حيــث عمــدت إلى تقليــص قيمة الضرائب الوقائية، ومسّــت بقــوة نقابات العمال، وأضفت مرونة على سعر صرف العملة الوطنية «الشيكل»، وباعت الشركات الحكومية وخصصــت الكثير من مرافق القطاع العــام، إلى جانب تخفيض مخصصات الضمان . )1( الاجتماعي وقد مسّت هذه الإجراءات الطبقة الضعيفة التي تقطن بشكل أساس مدن التطوير في أطراف إسرائيل والأحياء الشعبية في المدن الكبرى؛ حيث أضرت هذه السياسات بالصناعات التقليدية التي تعتاش هذه الطبقة على العمل فيها، ســيّما صناعة النســيج . )2( والزراعة إلى جانب ذلك، فقد أدت العولمة والانغماس في اقتصاديات السوق إلى إقناع قطاعات كبيرة من الشباب الإسرائيلي الغربي العلماني، الذي كان يرى أن الريادة على الصعيد الشــخصي تتمثل في الصعود في ســلم الخدمة العســكرية، بالعدول عن هذا التوجه والتوجه نحو مسارات ريادة شخصية تقوم على محاولة تحسين الواقع المادي عبر استغلال الفرص التي تتيحها اقتصاديات السوق. وقد تجسدت توجهات الشباب العلماني الغربي في نمطي سلوك، وهما: الانضمام بشكل عام للوحدات غير القتالية في الجيش عند التجنيد وعدم مواصلة الخدمة بعد انتهاء فترة الخدمة الإجبارية التي . )3( تستمر لثلاثة أعوام وعمدت قيادات ومرجعيات التيار الديني القومي إلى اســتغلال هذا الواقع في دفع منتســبي هذا التيار لملء الفراغ، مما فتح الطريق أمامه لتبوؤ المواقع القيادية في الجيش في ظل أقل قدر من المنافسة. ومما حفز التيار الديني القومي على محاولة اختراق كل مركبات النخبة الإسرائيلية، وعدم الاكتفاء بالتسلل إلى النخبة العسكرية، حقيقة أنه قد سادت قناعات لدى الكثير مــن النخب العلمانية الغربية بــأن التحول الإيجابي الذي طرأ على الواقع الاقتصادي 32 رام، اتجاهاتجديدة في دراسة المجتمع والوسط في إسرائيل، مرجع سابق،ص ((( عزيز حيدر، «التطورات الاقتصادية والحراك السياسي في إسرائيل - دراسة في حركات الاحتجاج ((( . 54 )،ص 2005 والانتخابات البرلمانية»، (رام الله، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، . 43 ليفي، القائد الإلهي، مرجع سابق،ص (((

50

Made with FlippingBook Online newsletter