النخبة الإسرائيلية الجديدة

وقــد أدركت مرجعيات التيار الديني القومي حجم التأثير الذي يتمتع به الجيش في عملية صنع القرار السياســي، بســبب الطابع الخاص للبيئة الأمنية التي نشأت فيها إسرائيل، وانغماسها الدائم في حال حرب متواصلة مع أطراف عربية أو إسلامية؛ حيث وعت أن كّ من المســتوى السياسي المنتخب والرأي العام الإسرائيلي يوليان أهمية قصوى لتقديرات المســتوى العسكري، التي تقدّم على أنها تقديرات مهنية لا تحركها الاعتبارات السياسية والأيديولوجية. ونظرًا لإدراك المرجعيات الدينية للتأثير الهائل للنخبة العسكرية على دائرة صنع القرار؛ فقد وجهت أتباعها للانخراط في الألوية المختارة والوحدات الخاصة. ولــم يتورع الحاخام، إبراهيم شــابير، الذي تزعّــم التيار الديني الصهيوني حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، عن إصدار فتوى في أواسط الثمانينات تعتبر «التجنيد فــي الوحدات المقاتلة قُربى للرب» وأن «الخدمة العســكرية والــروح القتالية مهمة . )1( جماعية يفرضها الرب بهدف تمكين التيار الديني من قيادة المشروع الصهيوني» وقد عبّر الحاخام، إيلي سدان، الذي يعد من قادة التيار الديني القومي، وصاحب فكرة تأسيس المدارس الدينية العسكرية التي تعمل على تهيئة الشباب المتدين للخدمة العسكرية، عن هذا التوجه بشكل صريح؛ حيث قال: «يتوجب علينا عدم الانفصال عن الدولــة، بل نحن مطالبون بالوصول إلى كل الأجهزة، الجيش والمخابرات، والجهاز . )2( القضائي، حتى نتمكن من تصميم الدولة بشكل مثالي وفق منهجنا» وهنــاك الكثيرون في إســرائيل يجزمــون بأن اندفاع المتدينيــن صوب المواقع القيادية في الجيش يأتي ضمن مخطط أوســع للســيطرة على الدولة. ولقد عبّر عن ذلك بشــكل واضح وصريح، ران أيدليســت، أحد أبرز المعلقين العســكريين؛ حيث : «لمؤسساتهم قوة احتمال عَدْوِ المسافات الطويلة، إنهم يؤمنون بالبقاء الأبدي )3( قال للأمــة اليهوديــة، وفي هذا الإطار أعدوا أربعة طرق من أجل معركة أرض إســرائيل: المســتوطنات، والدعم المالي، والتعليم، وترقية رجالهم في الجيش لينالوا الســيطرة على هيئة الأركان في المســتقبل. هذه ليســت مؤامرة، بل تقديرًا هادئًا لوضع قومي في نضالهم من أجل صورة مســتقبلية للمجتمع الإسرائيلي، واستغلال معقّد لحكومة المرجع السابق. ((( . 24 المرجع السابق،ص ((( . 120 شاحاك، نورتون، «الأصولية اليهودية في إسرائيل»، مرجع سابق،ص (((

64

Made with FlippingBook Online newsletter