القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

الروابط " وتتعزز رؤية المزروعي هذه بدراسات للبروفسير يوسف فضل حسن عن حيث يرى أن البحر الأحمر هو أداة " التاريخية بين الجزيرة العربية والقرن الإفريقي وصل بين المنطقتين، مؤكدًا على أهمية الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية. ثم العمق " نظم الباحث مع هاتين الرؤيتين رؤية ثالثة للدكتور داود أغلو تتعلق بمفهوم وأبعاده النظرية وتطبيقاته العملية. يؤكــد الدكتور أوغلو أن الأبعاد " الاســتراتيجي الحضارية والثقافية والتاريخية والجغرافية والدينية لا تشــكل بالضرورة عبءًا على الدولة، بل أنه من الممكن أن تشكل في مجملها فرصًا استراتيجية حقيقية. واعتمادًا على هذه الرؤى الثلاث تقدم الباحث بصياغة التساؤلات الأساسية في البحث: ما مدى فاعلية الجوار الجغرافي والتواصل الحضاري في تعزيز العلاقة بين المنطقتين؛ وما مدى الفاعلية السياسية لصانع القرار الخليجيين؛ وما طبيعة تصورات القيادات الإفريقية للدور الخليجي في المنطقة؟ وما طبيعة المعوقات التي يمكن أن تعترض هذه العلاقة، وكيف يمكن تفعيل الفرص غير المستغلة؟ يشــكل مثل هذا التأســيس النظري (والذي استغرق بضعًا وثلاثين صفحة من الكتاب)، بتقديري، أكثر فصول البحث أهمية وعمقًا. إذ أن كثيرًا ممن يبحثون في الراهن السياسي يتبعون مناهج كمية يستكثرون فيها من الجداول والأرقام، ولكنهم لا يهتمون بالأطر النظرية والخلفيات الفلســفية التي يستند عليها الفعل الاجتماعي والسياسي. أما في هذا الكتاب فقد حاول الباحث أن يستعين بالمنهج الكمي دون إسراف، وأن يستفيد من المنهج الكيفي دون خلل. احتــوى الكتــاب على أربعة فصول قدم فيها الباحــث وصفًا موضوعيّا لواقع الانفتــاح والتفاعــل بين دول الخليج ودول القرن الإفريقــي، ثم تعرض بقدر من التي تتمثل في توازنات النظام العالمي. أشار إلى " للمهددات الاستراتيجية " الحذر أن أهم تلك المهددات تتمثل في مطامع الدول الرأســمالية الغربية وشــدة تنافسها على منطقة القرن الإفريقي. وكيف أن هذه الدول الغربية ســتعمل على عرقلة أي شــراكات تضر بمصالحها. ومع أن هذه الملاحظة صائبة إلا أنه قد يقال إن منطقة القــرن الإفريقــي لم تعد بقدر الأهمية التــي كانت لها إبان فترة الحرب الباردة، إذ

9

Made with FlippingBook Online newsletter