القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

أوضحنا في الفصل السابق الإرادة السياسيّة الخليجيّة تجاه تفاعلها مع القضايا الحيويــة في القرن الإفريقي، كعنصر أول متغير في مبدأ العمق الاســتراتيجيّ هذا مــن ناحيــة؛ وأيضًا أبرزنا فيه الفعل الإراديّ الخليجيّ، كفعل خليجيّ يمثل الحلقة الأولى من دراسة منهج (الفعل ورد الفعل) وهذا من جهة ثانية. واتكاءً على ذلك تأتي أهمية هذا الفصل في أنه يمثل الحلقة الثانية المكملة للفصل الســابق، إذ أنه يهتم بدراسة الذهنية الاستراتيجيّة لصناع القرار والنخب في بلدان القرن الإفريقي، باعتبارها العنصر المتغير الثاني في مبدأ العمق الاستراتيجيّ. وفضً عن ذلك تمثل دراسة انطباعات وتصوّرات الذهنية الاستراتيجيّة، بمثابة دراسة ردة فعل النخب في دول القرن الإفريقي، تجاه الفعل الإراديّ الخليجيّ في المنطقة. وعليه يصبح هذا الفصل هو الجزئية المكملة للفصل السابق في النواحي النظرية والتطبيقية. وبنــاءً على ذلك نحاول الإجابة عن ســؤال جوهري في هذا الفصل: ما هي الانطباعــات والتصوّرات الذهنية لصناع القــرار والنخب في بلدان القرن الإفريقي تجاه الفعل الإراديّ لدول الخليج العربيّة؟ ونقصد بالذهنية الاستراتيجيّة رصد ودراسة تسلسل الأفعال الداخليّة والخارجيّة لمجموعة الأحكام والتصوّرات الإيجابية والســلبية التي يتبناها صناع القرار ونخب بلدان القرن الإفريقي، وتتخذ منها منطلقًا وأساسًــا لقرارات تجاه الإرادة السياســيّة التي أظهرتها دول منطقة الخليج العربيّ للتفاعل مع قضايا الصراع والأمن والتنمية والاســتثمار في الإقليم. ومن أجل تتبع ورصد الذهنية الاستراتيجيّة، اعتمدنا على أداتي المقابلة والاســتبيان مع عينة مختارة من النخب الأكاديمية والسياســيّة يقدر خبير لقياس ردود أفعالهم. 200 عددها بـ أظهــرت دول الخليج العربيّة إرادة سياســيّة واضحــة في التفاعل مع القضايا الحيوية والاستراتيجيّة في بلدان القرن الإفريقي، وتجلت هذه الإرادة السياسيّة في الفعل الإراديّ الخليجيّ، والذي من خلاله أسهمت بعض من دول الخليج في حل بعض الخلافات والصراعات المستعصية أو التقليل من حدة الصراعات في المنطقة. وأيضًا دعمت دول منطقة الخليج العربيّ مشاريع الأمن والتنمية والاستقرار في إقليم

117

Made with FlippingBook Online newsletter