فلم يكن البحر الأحمر يمثل عقبة أمام هذا الاتصال، وكانت بلاد اليمن بصفة خاصة مصدرًا لهجرات عديدة أثرت تأثيرًا بالغًا في الهضبة الحبشية وأعالي النيل الأزرق، وإرتيريا وســواحل السّــودان الشرقية، وكانت المؤثرات الســامية تتدفق من الجزء ونظرًا . ( (( الجنوبي لجزيرة العرب، وذلك لبراعة ســكان هــذه المنطقة في الملاحة للتقارب الجغرافي بين شبه الجزيرة العربيّة وساحل إفريقيا الشرقي، وبالإضافة إلى أهمية البحر الأحمر بالنسبة للعرب لنقل بضائعهم التجاريّة إلى ساحل إفريقيا؛ نجد أن الأرض الإفريقية أصبحت محط أنظار الهجرات العربيّة، إما بهدف الاســتقرار . وفي ( (( على السّاحل الشرقي لإفريقيا أو بغرض التجارة في منطقة القرن الإفريقي مقابل تلك الهجرات العربيّة، أشــارت المصــادر التاريخيّة إلى أن هنالك هجرات إفريقية من مناطق القرن الإفريقي اتجهت صوب مناطق شبه الجزيرة العربيّة وبلاد اليمــن، عبر الحقب التاريخيّة المختلفة. وأشــارت هذه المصادر إلى أن الأحباش هــم المجموعات الإفريقية الأولى التي هاجرت واســتقرت في المناطق المختلفة لشــبه الجزيــرة العربيّة بصورة عامة، وفي مكّــة على وجه التحديد. وذكرت بعض المصــادر أن قبيلــة الأحابيش بعد أن تزايدت أعدادهــا في الجنوب العربيّ، بفعل عملهــم في حراســة القوافل التجاريّة التي تنقــل المحاصيل الإفريقية إلى الجزيرة العربيّــة وبالعكــس دخلت في تحالفات مع بعض المجموعات العربيّة، وبسياســة عقــد التحالف والمعاهدات أصبحت قبيلة الأحابيش من اللاعبين الأساســيين في . ونتجت عن هذا ( (( تســيير مجــرى الأحداث التاريخيّة في المنطقة العربيّــة عمومًا التأثيــر المتبادل بين المناطق السّــاحلية لدى الجانبين عدة حوادث تاريخيّة جديرة بالوقــوف عندهــا، باعتبارها نماذج تاريخيّة مهمة يمكن أن نســتفيد منها في تقوية ، (المنظمة العلاقات الإفريقية العربيّة: دراسة تحليلية في أبعادها المختلفة ( عيسى، محمود خيري، ( ( . 2 م)،ص 1977 العربيّة للتربية والثقافة، القاهرة، ، (جامعة السلطان م 1964 - 1890 سلطنة زنجبار في شرق إفريقيا ( محمد، صالح محروس، ( ( . 28 م)،ص 2016 قابوس دائرة النشر العلمي والتواصل، مسقط، ، (في) أحمد المبارك " الجذور التاريخيّة للعلاقات بين العرب والأفارقة " ( خلف، محمد أحمد، ( ( ، مركز دراسات الوحدة 45ّ ، (سلسلة كتب المستقبل العربي العربوالدائرة الإفريقية وآخرون (محرر)، . 14 - 12 م)،صص 2005 العربيّة، بيروت،
32
Made with FlippingBook Online newsletter