ونحاول فهم هــذه المقاربات التاريخيّة للأبعاد الجغرافيّة بين القرن الإفريقي ودول الخليج العربيّ، بالاســتناد إلى إسهام الأفرابيا في تناولها لموضوع العلاقات العربيّــة الإفريقيــة. ونأمل أن نقدم قراءة تحليليّة لكتابات المفكر علي مزروعي في موضــوع العلاقات العربيّة الإفريقية بصفة عامــة، وبالتطبيق على العلاقات ما بين القــرن الإفريقــي ودول الخليج العربيّ بصفة خاصة. وتجدر الإشــارة هنا إلى أن الدّراســة لا تســعى إلى قراءة كتابات المفكر علي المزروعي قراءة تتبعيّة شــارحة أو تفصيليّــة، وإنما غاية الأمر تناول نموذجه في العلاقات العربيّة الإفريقية، ومدى إمكانيــة تطبيق أفكاره لتفعيــل علاقات منطقة القرن الإفريقي بدول الخليج العربي في المستقبل المنظور. تقوم نظرة علي مزروعي في العلاقات العربيّة الإفريقية على الضرورة الماسة إلــى قيام تجمع حضاريّ جديد بين شــبه الجزيرة العربيّــة والدول الإفريقية؛ وأن ثمة ركائز أساســية مشــتركة لهذا التجمع الحضاريّ الجديد الذي أطلق عليه اسم الأفرابيــا. ومن بين أهم هــذه الركائز: ركائز دينيّة ولغويّــة، واقتصاديّة واجتماعيّة . وبهذا يؤكد علي مزروعي على أن هنالك العديد من الروابط ( (( وثقافيّة وحضاريّة المشتركة بين الأفارقة والعرب؛ ويمكن أن تمثل هذه الروابط ركائز أساسية لإقامة علاقات أعمق بينهما. على الصعيد اللّغويّ، مث ً، يرى أن الروابط اللّغويّة بين إفريقيا والعرب أقدم من الروابط الدينيّة الإســ ميّة؛ وذلك أن كّ من اللّغة العربيّة واللّغة الأمهريّة لغة ســامية، حتى أن المؤرخين منقسمون حول ما إذا كانت اللغات الساميّة قد ظهرت أوً في إفريقيا ثم عبرت البحر الأحمر، أم أنها نشأت في الجزيرة العربيّة وانتقلت إلــى إفريقيــا في مرحلة لاحقة. كما أن اللّغة العربيّة مازالت هي اللّغة التي يتحدث بهــا أكبر عدد من ســكان القارة الإفريقية، فضً عن ذلــك تأثيرها في العديد من ، ترجمة صبحي قنصوة وآخرين، قضايا فكرية: إفريقيا والإسلام والغرب ( مزروعي، علي الأمين، ( ( . 139 م)،ص 1998 ، القاهرة، 4 (مركز دراسات المستقبل الإفريقي، سلسلة دراسات إفريقية
37
Made with FlippingBook Online newsletter