تمثّل منطقة القرن الإفريقي أهميةً استراتيجيّةً بالغةً لدول الخليج العربيّ، كونها مشــاطئة للجزء الجنوبيّ من البحر الأحمر ومنتصــف باب المَنْدَب وخليج عدَن، وبالتالي فإنّ عدم اســتقرار هذه المنطقة يؤثّر على حركة التجارة الدوليّة، وخاصة البترول القادم من الخليج والمتّجه إلى الدول الغربية الصناعية. وحتّمت هذه الأهمية لمنطقة القرن الإفريقي على صانع القرار في دول الخليج، بروز إرادة سياسيّة تجاه قضايا الصّراع والأمن والتّنمية والاستثمار في دول القرن الإفريقي. واتكاءً على ما ذُكِر، يهدف هذا الفصل في الأســاس، إلى رصد الإرادة السياســيّة الخليجيّة تجاه قضايــا القــرن الإفريقي. وتتم معالجة ذلك من خلال تســليط الضوء على عناصر الفعل الإراديّ؛ وهي: الدافع، والرغبة، واتخاذ القرارات، والالتزام، وعملية التنفيذ، في السّياسة الخليجيّة تجاه القضايا الحيويّة في منطقة القرن الإفريقي. بغرض معرفة مــدى فاعلية الإرادة السياســيّة الخليجيّة في التأثير علــى القضايا الحيويّة في هذه المنطقة التي تُعتبر إحدى دوائر العمق الاستراتيجيّ الخليجيّ من حيث دائرة التفاعل والتأثيــر، وذلك وفقًا لمنطق التغيّرات التي تشــهدها منطقة القرن الإفريقي، والتي تؤثّــر في منطقة الخليج العربيّ بحكــم الارتباط الجغرافيّ والتاريخيّ والاقتصادي بين المنطقتين كما سبق القول. إن دراسة الإرادة السياسيّة الخليجيّة، كعناصر متحركة أو متغيرة في مبدأ العمق الاســتراتيجيّ مســألة مهمة، ويتم ذلك من خلال دراســة الفعل الإراديّ الخليجي للتفاعــل مــع القضايا الحيوية في القرن الإفريقي، حيــث يؤكد أحمد داود أوغلو على أن العمق الاســتراتيجيّ يعتمد على إرادة سياســيّة ذات مبادرة فعَالة؛ تمتلك أكبر قدر من التأثير في مجالك الحيوي بدً عن سياســة الانغلاق. وعليه نحاول الإجابة في هذا الفصل عن السؤال التالي: ما مدى فاعلية الإرادة السياسيّة الخليجيّة تجاه قضايا الصّراع والأمن والتّنمية ومناخ الاستثمار في منطقة القرن الإفريقي التي تضم السّودان وإثيوبيا والصّومال وجِيبُوتي وإرتيريا ودول الخليج العربيّة في الفترة م؟ 2018 - 2001 من
61
Made with FlippingBook Online newsletter