القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

نقصــد بــالإرادة السياســيّة الإرادة العامّة التي تأخذ بعيــن الاعتبار المصالح المشــتركة التي تقوم على الفعل الإراديّ من خلال روابط الماضي لتحقيق أهداف المستقبل المشترك. ويميّز الفعل الإراديّ في أدبيات علم الاجتماع السياسيّ بأربعة عناصر متتالية وذات طابع تراكميّ، هي: الدافع والتصوّر، والرغبة والحوار والمبادرة، والاستعداد واتخاذ القرار، والالتزام والتنفيذ. أو ً: تجاه حل الصّراعات وتسوية الخلافات يفســر كثير مــن الخبراء الاســتراتيجيّين عمليات الحراك السياســيّ والأمني والاقتصاديّ الخليجيّ الذي تشــهده منطقة القرن الإفريقي في الآونة الأخيرة وفق نقطتيــن أساســيتين هما: إدراك صانع القرار فــي دول منطقة الخليج العربيّ أهمية المنطقة التي أصبحت تمثل عمقًا استراتيجيّا للمنطقة العربيّة عامة والدول الخليجيّة بصفة خاصة. ويقين النخب الخليجيّة بأن أي وضع قائم في منطقة القرن الإفريقي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في العمق الخليجيّ على المدى البعيد، وذلك لاعتبارات جغرافيّة وسياســيّة واقتصاديّة بين الطرفين. واتكاءً على ذلك فســر الخبراء النشاط الدبلوماسي الخليجيّ لحل الخلافات والنزاعات والصراعات بين الأطراف الفاعلة والحيوية في القرن الإفريقي. بغرض أخذ زمام المبادرة الفاعلة في المنطقة، خاصة بعد تراجع الدور الأميركيّ في القرن الإفريقي. تعــود الجُذُور التاريخية لظاهرة الصّــراع الحديث في منطقة القرن الإفريقي بصورة أساســيّة إلى التّركة الاســتعماريّة، وفترة الحرب الباردة التي شهدت تنافسًا على دول الإقليم. ونتيجةً لهذين السّــببين تجلّت مشــاكل دول القرن الإفريقي في النّــزاع الحــدوديّ بين دول المنطقة، أو في أزمة بناء الدولة التي تظهر في شــكل قضايا الفقر والهُويّة وعدم المساواة. وترتّب على ذلك عدم الاستقرار في الإقليم، ممّا أدّى إلى تغيير الخريطة السياســيّة لمنطقة القرن الإفريقي، بظهور دولة إرتيريا م على الخريطة السياســيّة لإقليم 2011 م ودولة جنوب السّــودان عام 1993 عام

62

Made with FlippingBook Online newsletter