أطر الحياة وتنظيم المجتمعات بما يجعل مجمل اجتهادات الفقه السياســي التقليدي متجاوزة وغير متناســبة مع ذلك التطور، وفي أحايين كثيرة تؤدي بالواقع إلى عكس المراد الشرعي. لأن العلوم الاجتماعية وفي مقدمتها علوم السياسة عرفت تطورًا كبيرًا، سواء من حيث القيم العامة والمناهج المؤسّسة، أو من حيث النظم والآليات، وهو ما . الأمر نفسه يستنكره محمد يتيم، عندما ينتقد الفكر ((( لا يمكن إغفاله أو الانعزال عنه الإســ مي المعاصر الحالم بتكرار تجربة الخلفاء الراشــدين، والذي يسجن نفسه في هذا الخيار، حيث بقي متأرجحًا «بين النموذج المثالي، أي نموذج الخلافة الراشــدة، وبيــن النموذج الواقعي، أي تبرير شــرعية الســلطان المتغلــب، درءًا للفتنة وترجيحًا . ((( لمصلحة الاستقرار، دون أن يتجه إلى التفكير في ضوابط وآليات ترشيد الخلافة» وبذلــك، ينتقد منظّرو حركة «التوحيد والإصلاح» التراث الفقهي الذي شــغف بحكم الخلافة، الذي يعد ابن زمانه، ويســتنكرون حلم بعض الإسلاميين المعاصرين بتكرار النموذج، ويدعون في الآن نفسه إلى الانخراط في المنظومة السياسية الحديثة، والتي عرفت تطورًا هائً لا يمكن إنكاره أو تجاوزه، وما المنظومة السياسية الحديثة إلا «الدولة الحديثة» وأسسها، مما يعبّر عن توافق تام مع هذا النوع من الدول المنسجم في نظرهم مع تطور العلم والحياة. وهو ما أكده سعد الدين العثماني عندما ألحّ على ضرورة «الخروج بالفقه السياسي الإسلامي من «الدولة الجامعة» بمختلف مسمياتها، والمطابقة لأمة العقيدة، لتأســيس فكرة الدولة بمفهومها المعاصر، دون أن يعني ذلك . ((( عدم العمل على الخروج من حالة التجزئة، لكن بمعايير سياسية مصلحية توافقية» وما الدولة الجامعة إلا دولة «الخلافة» التي وحدت المســلمين على أســاس الانتماء العقائدي، ولن يتم التأســيس للدولة المعاصرة -حســب العثماني- والتي ترتكز على أساس السيادة في إطار جغرافي محدد، إلا بالخروج من فكرة «الخلافة» التي سكنت نفس المرجع. ((( ، (القاهرة، دار الكلمة للنشر والتوزيع، 1 ((( يتيم، محمد، الحركة الإسلامية بين الثقافي والسياسي، الطبعة . 46 )،ص 2013 العثماني، سعد الدين، الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة: النموذج الفقهي للدولة والسياق ((( http :// www . ،) 2015 سبتمبر/أيلول 15 ،( تاريخ الدخول 2014 الحضاري، فسائل، أكتوبر . fassael . ma / index . php / 2015
27
Made with FlippingBook Online newsletter