إسلامية»، ورجال الصناعة المسلمين الذين يلتزمون في عملهم بالتوجيهات الإسلامية قناعة ومبدأ، لكن هذا لا يبرر صياغة مصطلح «صناعة إسلامية»، وهكذا في مختلف . ((( المجالات التي يرتادها المسلم والملاحظ هنا أن هذا الوصف البديل لمصطلح «الدولة الإسلامية»، والذي عبّر عنه سعد الدين العثماني بـ»الدولة المقبولة إسلاميّا» يُقصَد منه إنشاء دولة تسترشد في تسييرها بالتوجيهات الإسلامية. والأمر يبدو سيان، لأن أغلب الحركات الإسلامية التي تحلم بتحقيق هذا النموذج، تســتهدف إنشاء دولة تسير وفق مقاصد الشريعة، أو وفق أحكامها وما مراعاة التوجيهات الإسلامية في حقيقتها إلا تطبيق لشرع الله. وهو الأمر الجوهري الذي أدى بشــكل مباشر إلى نشأة الحركات الإسلامية عمومًا والتي سعت في بداياتها للانقلاب على الدولة القُطرية الحديثة، واســترجاع حكم الخلافة، ثم ما لبثت أن تراجعت عن هذا المشروع لصالح مشروع أقل منه حدة، وأشد تواضعًا وهو أســلمة الدولــة الحديثة، بعد أن أصبحت هذه الأخيــرة أمرًا واقعًا لا مناص منه، وما الأسلمة إلا مشروع مباشر لتحقيق «الدولة الإسلامية»، التي تتخذ نفس معايير الدولة الحديثة، على مســتوى الشــكل، وتختلف معها في الجوهر، المفترض فيه أن يتجه وفق مقاصد الشريعة، أو وفق توجيهاتها -حسب رأي سعد الدين العثماني-؛ فمفهوم «الدولة الإسلامية» لديه لا يخرج عن هذا السياق، دولة حديثة بتوجيهات إسلامية. والتناقض لدى سعد الدين العثماني، يكمن في رفض مصطلح «الدولة الإسلامية» والدعوة إليه في آن واحد بشكل ضمني، من خلال مطالبة «الدولة الحديثة» بالسير وفق مقاصد الشريعة؛ الأمر الذي يعكس في الآن نفسه غياب وعي عميق بالدولة الحديثة، التي لا تقبل طبيعتها العلمانية، التقيد بالتوجيهات الدينية. غيــر أن الأمر لا ينفي عن حركــة «التوحيد والإصلاح» تطوير مفهومها للدولة، بعد أن قامت بعدة مراجعات، غيرت تمثلاتها السابقة عنها، كما تميزت واختلفت عن العديد من الحركات الإسلامية، عندما رفضت تكرار نموذج حكم «الخلافة»، بنمطيته التاريخية، نافية عنه الإلزامية الدينية، كما رفضت مشــروع «الدولة الإســ مية»، رافعة عنه المشــروعية الدينية والمشــروعية التاريخية في حين نجد حركات أخرى تتقاســم مع حركة «التوحيد والإصلاح» نفس المرجعية، لا تزال تبشر بعودة حكم «الخلافة».
المرجع السابق. (((
35
Made with FlippingBook Online newsletter