النظم الدستورية للدولة، وكأن محمد يتيم أراد بذلك التأكيد على إمكانية الفصل بين سياسة الدولة والدين، دون الإشارة الصريحة لذلك. إلى جانب محمد يتيم، نجد أن سعد الدين العثماني يتبنى أيضًا المفهوم الحديث للدولة، ويشيد بفضائله السياسية، حيث يرى أن الدولة تقوم على ركائز ثلاث، تتمثل في وجود شــعب وإقليم وســلطة تمارس اختصاصاتها في حدود الإقليم، وأنها تتميز بشخصيتها المعنوية والقانونية المستقلة عن أشخاص الحكام والمحكومين والمنفصلة عن المجتمع، بعد أن كانت كيانًا بسيطًا لا يمتلك الاستقلال، خاضعًا لأعراف سياسية تقوم على فكرة الزعامة وامتزاج الدولة بشخص الحاكم. فالتمييز بينهما هو الذي أعطى الانطلاقة لتأسيس السلطة بمعناها الحديث وقيام الدولة صاحبة السلطة السياسية. وقد ترتب على ذلك تمتعها بطابع الدوام والاستقرار، حيث لا يتأثر وجودها بتغير الحكام أو تغير نظام الحكم فيها. وهو أمر -حسب العثماني- يقلب الفقه السياسي التقليدي رأسًا على عقب، ويفك الارتباط الذي كان قويّا بين شخصية الحاكم وشخصية الدولة. لهذا، ينكر الكثيرون على «الإمبراطوريات» والكيانات السياسية التي مرت عبر التاريخ صفــة الدولة بســبب ارتكازها على قاعدة النظام الفــردي، إذ اعتُبر القائد هو مصدر . ((( سلطتها وضامنها فتميز الدولة الحديثة بهذه الخصائص، يعتبر السر الكامن وراء استقلالية الدولة وســيادتها وهو الأمر الذي يشــيد به العثماني ويعتبره تميزًا عن كل أشــكال الحكم الســابقة، مما يعبّر بشــكل غير مباشــر عن تفضيل حكم الدولة الحديثة عن ســابقيه لإقصائــه الحكم الفردي، لصالح شــرعية القانون. ويدخل في خانة الحكم الســابق حكــم «الخلافــة»، رغــم أن العثماني لم يذكــر هذا الحكم الأخير بالاســم، إلا أن الإشــارة الضمنيــة إليه واضحة وجلية، خاصة عندما تحــدث عن قلب مفهوم الدولة الحديثة لمفاهيم الفقه السياسي التقليدي. كما نلمس في تحديده لمفهوم الدولة نقدًا يكاد يكون مباشــرًا لحكــم «الخلافة»، الذي كان يعتمد فيه دوام الحكم واســتقراره على شــخص الحاكم بشكل أساســي؛ الأمر الذي يعبّر عن تأييد كبير لمفهوم الدولة العثماني، سعد الدين، الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة، الموقع الرسمي لسعد الدين العثماني، ((( http :// www . fassael . ma / index ( الرابط: . 2016 سبتمبر/أيلول 20 )تاريخ الدخول 2014 أكتوبر php / 2015
37
Made with FlippingBook Online newsletter