صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

وبسياســة الغصب والتمزيق وفرض الأمر الواقع، كما فعلت الدول الاســتعمارية مع . ((( مستعمَراتها هذه الأوصاف التي عدّدها الريســوني تعبّر بشــكل أكيد عن انطباع إيجابي تجاه الدولة الحديثة، شكً وجوهرًا، فهي في رأيه عنوان التقدم، وداحرة الاستبداد، ومحققة الاستقرار، وضامنة الحقوق الإنسانية والديمقراطية، بل هي أفضل نموذج للحكم غير الفردي وغير المســتبد، وفي ذلك إشــارة قوية ضمنية لرفض حكم الخلافة الوراثية -الملك العضود- الذي يزكي الحكم الفردي، ويشــرعن للاســتبداد، وتفضيل حكم الدولــة الحديثة؛ الأمر الذي يؤكد الاندفــاع القوي تجاه هذه الأخيرة والتوافق معها، وتجاوز الحكم الإسلامي التاريخي ونقد أشكال تسلطه. والتحفــظ الذي يعبّر عنه أحمد الريســوني، لا يرتبــط بالدولة الحديثة ومبادئها السياســية، بل بكيفية ترســيمها في خريطة المنطقة العربية، والذي تم بشــكل قسري وتعســفي، حيث عمل الاســتعمار الغربي على توطين الدولة القطرية بالقوة، ولا يزال يتدخل في مصير الشعوب العربية المسلمة إلى اليوم، وهو ما يرفضه أحمد الريسوني عندمــا يقــر «أنه يؤمن حقيقة بالدولة الحديثة شــريطة أن تكون للشــعوب فيها حرية حقيقيــة غير مشــروطة وغير مضغوطة. فالغرب ووكلاؤه يريــدون منّا اليوم أن نكون (دولة حديثة) لكن بشرط ألا نستمد شيئًا من سياساتنا وقوانيننا من مرجعيتنا وأخلاقنا الإســ مية، حتى لــو جاء ذلك بطريقة ديموقراطية حرة، في هــذه الحالة نكون أمام ديموقراطية معلّبة ومحجور عليها، أي ســنكون تحت دكتاتورية وتسلط باسم الحداثة . مما يؤكد أن الدول الحديثة لدى أحمد الريســوني غير مرفوضة ((( والدولة الحديثة» لذاتها وشكلها، بل المرفوض هو تحكم الغرب في نموذجها العربي، ورغبته في تبعيتها له، وحجره على سيادتها، لأنه يرفض تدينها، وانسجامها مع مرجعيتها الإسلامية. كمــا يؤكد موقف الريســوني الأخيــر أن قبول الدولة الحديثــة، نابع من إيمانه بقدرة هذه الدولة على استيعاب مرجعيتها الإسلامية، وهنا يكمن الإشكال لأن الدولة الحديثة قامت أساسًا ضد سيطرة المرجعيات الدينية بمختلف أنواعها، كما أنها ترفض تدخل الدين في سياسة الدولة، في حين تتأسس الحركات الإسلامية بمختلف أشكالها استمارة بحث ميداني حول موضوع «تمثلات الإسلاميين للدولة الحديثة»أجراها الباحث مع أحمد ((( . 2015 - 7 - 12 الريسوني، عضو حركة التوحيد والإصلاح، عبر البريد الإليكتروني بتاريخ المرجع السابق. (((

41

Made with FlippingBook Online newsletter