صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

على الدين وتأثيره في كل مناحي الحياة. فأحمد الريســوني يرى في الدولة الحديثة جهازًا أساســيّا قابً للتعبئة بالمبادئ والقيم الإســ مية؛ إذ يقر بأن «ما يسمى بالدولة الحديثة، ورغم إيجابياته ومكاســبه الكثيرة، لا أعتبره نموذجًا واحدًا منمطًا وســاكنًا. ما هو جاهز عندي ومســتقر هو جملة مبادئ، كالعدل والشــورى وســيادة الشعوب على نفســها وعلى اختياراتها، وقيام الحكم على التعاقد الدســتوري الحر، والفصل . وهو قول يعبّر -في رأينا- عن تمثل شكلي لكيان ((( بين الســلط والمســؤوليات...» الدولة الحديثة، فهي مجرد قالب قادر على استيعاب كل المبادئ بما فيها مبادئ الدين الإســ مي، وهي كيان مرن يتكيف مع كل التيارات السياسية ولو كانت ذات مرجعية إسلامية. ولكن الأمر يختلف جذريّا لأن الدولة الحديثة شكل جغرافي محدد، وجوهر حداثي معقلن، وهي ليســت وعاء فارغًا يمكن ملؤه حســب رغباتنا بل تأسست على روح مادية محضة لا يمكن تجاوزها، كما تقيدها مواثيق ومعاهدات دولية تتحكم في توجهها ومسارها، وتحد من حريتها. إضافة لذلك، فالدولة الحديثة لا تخضع لشروط دينية في إدارتها وتسييرها، بل يحكمها القانون الوضعي، ويؤطرها دستور متواضَع عليه من طرف الشعب بطوائفه المختلفة، وتوجهاته السياسية المتنوعة. إعجــاب رواد حركــة «التوحيد والإصلاح» بالدولة الحديثــة، لم يمنع من نقد بعض ســلبيات هذه الأخيرة، خاصة في نموذجها العربي الاســتبدادي؛ إذ ينتقد أحمد الريسوني تضخم الدولة على حساب الأمة، في نموذج الدولة الحديثة، لأنه أدى إلى ترسيخ السلوك الفرداني، وإفقاد الأمة مكانتها وقدرتها على الريادة والعطاء والإبداع، وحولها إلى مجرد ركام ضخم من المتفرجين المستهلِكين والمستهلَكين، فالوضع في رأيه معكوس ومختل ومقلوب؛ إذ من مكامن الخلل التركيز على الدولة على حساب . وقد بلغ هذا الانقلاب في المفاهيم ذروته مع نموذج ((( الأمــة، بــل الأمة هي الأصل . ((( الدولة الحديثة، المهيمنة على كل شيء المرجع السابق. ((( ) ص 2012 ، (بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 1 الريسوني، أحمد، الأمة هي الأصل، الطبعة ((( . 11 الريسوني، أحمد، الأمة والدولة بين الوضع السوي والوضع المقلوب، مدارات، هسبريس، جريدة ((( http ) الرابط: //: 2015 مايو/أيار 20 ، (تاريخ الدخول 2013 مارس/آذار 5 إلكترونية، مقال بتاريخ www . hespress . com / orbites / 73912 . html

42

Made with FlippingBook Online newsletter