صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

لهذا يأخذ الريسوني على الكتابات في السياسة الشرعية قديمًا وحديثًا، والدراسات السياسية الدستورية اليوم أنها ركزت على الدولة ومؤسساتها، ووظائفها وصلاحياتها، وأبرزت أهمية الدولة وضرورتها، وأهملت دور الأمة وموقعها ومكانتها، وصلاحياتها ووظائفها، مع العلم بأن لها الأولوية من حيث الصلاحيات والمسؤوليات، ومن حيث . ((( الأولويــة والتقديم، والدولــة والحكام والفئات الخاصة والأفراد يأتون تبعا وضمنا هــذا الوضــع المقلوب الذي جعل من الدولة كل شــيء، هي التي تفكر وتبادر وهي العقل المدبر، أسهم في تهميش دور الأمة التي أضحت مجرد أداة للتنفيذ، مما نجم عنه انحطاطها وتخلفها، وحال دون انطلاقها نحو الإبداع والريادة. لكن الريســوني يقر في الآن نفســه بأن للدولة مهام قيادية وريادية لا تُنكر، غير أن الدولــة «التــي تهمّش الأمة وتلغي صلاحيتها وتكبــت مبادراتها، لا يمكن أبدًا أن . فهناك تقابل بين مركزية الدولة ومركزية الأمة، ((( تكــون دولــة رائدة ولا مبدعة حقّا» والأجدر -حســب الريســوني- تغليب المركزية الثانية على الأولى. فالأمة كانت قبل الدولة «هي التي تدبّر وتدير شؤونها الدينية والثقافية، وتحل مشاكلها المعيشية وتلبي حاجاتها الاجتماعية وتنهض بمشاريعها العلمية والتعليمية، وتحقق إنجازاتها العمرانية . ((( والحضارية» لهذا يقر الريســوني بالمكانة الهامشــية للدولة في الإســ م، وأنها غير مقصودة في الخطاب الإسلامي لأن الخطاب الشرعي لا يتعامل مع الأئمة، أي لا يتعامل مع الدولة، ولكنه يتعامل مع الأمة، والأمة هي التي تكلف الدولة والأئمة كمسألة تنظيمية، فلا يوجد في القرآن الكريم مخاطَبًا اسمه الدولة، أو الخليفة الإمام، أو الحكومة، أو الإمــارة، أو أهــل الحل والعقد، أو المجلس الفلانــي، بل الخطاب للجماعة، للأمة، . وبذلك ((( لعموم المســلمين، خاصة وأن الخطاب يبدأ بصيغة «يا أيها الذين آمنوا»» تكون الدولة غير ذات جدوى في الإســ م، مقارنة بالأمة المســتهدف الأســاس في . 10 الريسوني، الأمة هي الأصل،ص ((( ((( الريسوني، أحمد، الأمة والدولة بين الوضع السوي والوضع المقلوب، مدارات، هسبريس، جريدة http ) الرابط: //: 2015 مايو/أيار 20 ، (تاريخ الدخول 2013 مارس/آذار 5 إلكترونية، مقال بتاريخ www . hespress . com / orbites / 73912 . html

. 27 الريسوني، الأمة هي الأصل،ص ((( . 14 - 13 المرجع السابق،صص (((

43

Made with FlippingBook Online newsletter