صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

أو الحاكم أي امتياز ديني. حتى إذا كان الخليفة -أي رئيس الدولة- من أهل الاجتهاد . ((( فليس لاجتهاده أي امتياز» وهنا، يتم إســقاط المصطلحات السياســية المرتبطة بالدولة الحديثة على حكم الخلافة، كالتعاقد، والســيادة، والديمقراطية، والحكم المدني، دون مراعاة الاختلاف الجوهري بين حقلين سياسيين مختلفين، حيث لا تتقيد هذه المبادئ السياسية بطبيعتها الحداثية بالدين داخل الدولة الحديثة بل تســتند على أســاس واحد هو الحرية، في حين يتقيد الحكم الإســ مي، بما فيه عقد البيعة بالشــريعة، الأمر الذي يجعل هذه المصطلحات السياسية تتموضع في غير مكانها الطبيعي، وتفرغ من جوهرها الحداثي التحرري، لتعبأ بالقيم الإسلامية، مما يؤدي حتمًا إلى السقوط في التناقض. ورغم أن الدولة الحديثة غير مقيدة بحكم الشريعة، وتتميز بإطلاقية الحكم، فقد وصفها راشــد الغنوشي بالخلافة الناقصة، وقنطرة عبور للخلافة الكاملة أو الحقيقية، لأنها «مصادمة لأصل التوحيد، ولا ينبغي القبول بها إلا اضطرارًا لزمن عابر، باعتبارها ، ومن ثم فهي مجرد حالة اضطرارية، فرضها المســتعمر، ((( وضعًا شــاذّا عن الأصل» ومرحلة سياســية مؤقتة، يتوجب أســلمتها وحمايتها، وهو ما نفهمه من عبارة «الحكم الإســ مي الناشــئ» في الدول العربية، والذي ينبغي الصبر عليه «حتى يصلب عوده ويســاهم مســاهمة فعالة في الدفاع عن الأمة وفي العمل على تجاوز مرحلة الدولة ، ((( الإسلامية القطرية إلى الدولة الإسلامية المتحدة، ولو في أشكال من الوحدة مرنة» وهنا، يلح الغنوشي في خطابه على ضرورة تحقيق الوحدة ولو في شكل مواز لنموذج الخلافة، وليس بالضرورة استنســاخ التجربة نفســها، شــأنه في ذلك شــأن غيره من الإســ ميين المعتدلين، من أمثال يوسف القرضاوي، الذي اقترح النموذج الفيدرالي، أو الســنهوري الذي دعا لتأســيس الرابطة الأممية، حيث تم اقتداء بالنموذج الغربي الــذي تجاوز الدولة المحدودة جغرافيّا إلى التوحد في أشــكال مختلفة مثل الاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية المشتركة. وقد تبنّت حركة النهضة هذا المشــروع الوحدوي في أحدث برامجها السياسية، ولم تنف في برنامجها الانتخابي العمق العربي لتونس؛ حيث أكد راشــد الغنوشــي

. 325 المرجع السابق،ص ((( . 324 المرجع السابق،ص ((( . 137 المرجع السابق،ص (((

60

Made with FlippingBook Online newsletter