صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

مناخات تتيح لأكبر قدر ممكن من الناس أن يعبدوا الله في اختيار وتوافق مع قانون . إنها دولة إســ مية تحرص على إقامة الشريعة، وفي ((( الفطرة، ومع مبادئ الإســ م» ذلــك توافق مع مواقف المودودي وســيد قطــب، التي تؤكد على أن من مهام الدولة «حراسة الدين، وسياسة الدنيا». وفي الدولة الإســ مية، الأمة كلها مســتخلفة عن الله -حسب الغنوشي- وهي صاحبة السلطة نيابة عن الله، بمقتضى عقد «بيعة» لمن يقوم بها وفق القانون «النص» ورقابة الشــعب «الشورى»، النص «كتاب وسُنّة» و»الشورى»، وهما السلطة المؤسسة . وبذلك، فالدستور ليس وضعيّا، في الدولة الإسلامية المنشودة، ((( للدولة الإسلامية» بل دينيّا، يستقي منابعه من الكتاب والسّنّة. وهنا تكون السلطة للشريعة، لا للأمة التي تكون مجرد رقيب على الحاكم، الذي يفترض فيه تطبيقها، وإلا خرجت عن طاعته، وفــي ذلك توافق مع مفهوم الحاكمية، الذي حفل به خطاب «الإخوان المســلمون»، وهــو مــا يمكن أن نصفه بدمقرطة الحاكمية، أي الحكم للشــريعة في ظل ديمقراطية تخول الأمة مراقبة مدى تحقق هذا الحكم، فالأمة هنا تراقب، ولا تحكم. والدولة الإســ مية -حسب راشد الغنوشي- تتبنى الشريعة كمرجعية وكفلسفة، لأن هذه الأخيرة تحقق للإنســان التوافق المادي والروحي، بفضل خضوعها للقانون الذي جاء به الإســ م، ولا تختلف «آليات ســيرها عن الديمقراطيات المعاصرة إلا بمرجعيتها الخلقية العلوية، مرجعية الشريعة. وما من دولة ديمقراطية أو غير ديمقراطية إلا وتتوافر في أساسها فلسفات وقيم تمثل الموجهات الكبرى لسياستها، بصرف النظر عــن مأتاها، أرضيّا كان أو ســماويّا، صريحًــا كان أو متضمّنًا، من مثل مبادئ حقوق . ((( الإنسان أو مبادئ القانون الطبيعي» والغنوشي بذلك يبرر مرجعية الدولة الإسلامية التي ينشدها، والتي تخالف فلسفة الدولة الديمقراطية الحديثة، مؤكدًا إمكانية اعتماد الدولة فلسفة دينية، متغافً عن حقيقة الدولة الحديثة، التي قامت في أصلها على تنحية الدين، لأنه في تصورها يتيح إمكانية الاســتبداد، الذي يشابه ما عانت منه أوروبا زمنًا طويً مع حكم الكنيسة. وأما اتخاذ . 322 المرجع السابق،ص ((( . 322 المرجع السابق،ص ((( الغنوشي، راشد، مبادئ الحكم والسلطة في الإسلام، مؤلف جماعي، مأزق الدولة بين الإسلاميين ((( .- 91 90 )ص 2016 ، (بيروت، جسور للترجمة والنشر، 1 والعلمانيين، الطبعة

66

Made with FlippingBook Online newsletter