مبادئ حقوق الإنســان، أو القانون الطبيعي فلســفة ومرجعية في الدولة الحديثة، فلا يمكن موازاته بالمرجعية الدينية، لأن الأمر يتعلق بفلسفة دنيوية مادية، تركز على تحقيق مصالح الإنسان وسعادته الآنية، وهو ما عابه الغنوشي نفسه على هذه الدولة الغربية، التي قامت على الفلســفة المادية، التي جعلت لـ»قيم الربح واللذة والكبرياء القومي السلطان الأعلى على مؤسسات الدولة، وأعطت ذوي النفوذ المالي نفوذًا عظيمًا على عقول الناس وحياتهم ومصائرهم، كادت الدولة تتحول معه إلى أداة لتحقيق مآربهم، . ((( ولو كان ثمن ذلك تدمير الأخلاق والأسرة والمجتمع والبيئة والعالم» أمــا الدولة الإســ مية، فهي التي تراعي هذه الجوانــب الأخيرة المهملة، وهي الوســيلة التي «لا غنى عنها لإيجاد بيئة اجتماعية تتيح لأكبر عدد ممكن من أفرادها أن يعيشوا روحيّا وماديّا في توافق مع القانون الفطري الذي جاء من الله وهو الإسلام. إن الدولة الإسلامية ليست إلا الجهاز السياسي لتحقيق مثل الإسلام الأعلى في إيجاد . ((( أمة تقف نفسها على الخير والعدل» فالدولة الإسلامية بناء على ما سبق، مجرد آلة وجهاز لحماية الدين، وهي دولة تنسجم مع الفطرة البشرية، التي تراعي كل الجوانب البشرية المادية والاجتماعية. هذه الدولة أرقى وأسمى من الدولة القطرية، التي وصفها الغنوشي بدولة التجزئة العلمانية الديكتاتورية، وبدولة «الكهنوت الجديد» التي عاشت الأمة الإسلامية في ظلها التبعية والتخلف. لهذا، رُفضت تمامًا -حسب الغنوشي- وتمت الثورة عليها، في حين يبقى «العمــل الدائب الفردي والجماعي، واســترخاص الأموال والأنفس في ســبيل إقامة دولة الإسلام واجبًا شرعيّا ومصلحة وطنية وإنسانية واستراتيجية. فإنه طالما ظل هذا الواجب معطً فستظل الأمة والإنسانية محرومة من بركات الإسلام، وثمار حضارته . ((( في الدنيا والآخرة» فالرفــض هنا واضح للدولة الغربيــة الحديثة، التي وطّنت نموذجها في المنطقة العربية، والهدف هو إقامة الدولة الإسلامية المعطلة، والتي تجسد كل المثل الإسلامية، وتمزج بين القيم الدينية والدنيوية، المادية والروحية، والتي تستقي من الدولة الحديثة الغربية آلياتها السياسية، وتستغني عن قيمها وروحها الحداثية، وفلسفتها المادية، دون . 327 - 326 الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية، مرجع سابق،صص (((
. 93 المرجع السابق،ص ((( 94 المرجع السابق،ص (((
67
Made with FlippingBook Online newsletter