| 130
مقدمة إن التغييــرات الجذريــة التي أحدثتها ثورة الإنترنت في بنية التواصل الإنســاني منذ أواخر القرن الماضي، انعكست على العمل الإعلامي في تمظهراته المهنية الاحترافية، وفــي بنية مكوناته والعلاقات التي تجمع بينها؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور الصحافة الإلكترونية كبديل محتمل للصحافة الورقية التي وجدت نفســها محاصرة بمجموعة من البدائل التي تفوقها من حيث الاقتصاديات والشمول والقدرة التواصلية. استفادت الصحافة الإلكترونية من الدعم غير المحدود الذي تقدمه لها شبكة الويب باعتبارهــا الفضاء التواصلي والمعرفي الأكثر رحابة في عالم اليوم وفي المســتقبل، لتصبــح الأكثــر أهلية لحمل راية الإعلام من الصحافة الورقية التي يعود لها الفضل في ترســيخ التواصل الإعلامي طيلة قرون مضت. والحديث عن مســتقبل الصحافة الإلكترونيــة، يقــود بالضرورة إلى قدرتها على مواكبة تطــور التكنولوجيات الرقمية وإدماجهــا فــي العمل الإعلامي بكيفية تنافس شــبكات التواصــل الاجتماعي التي غيّرت العديد من الأســس النظرية المفاهيمية للممارســة الإعلامية (كمفهوم الإلقاء والتلقي والجمهور والتغذية الراجعة...)؛ إذ لم تعد الصحافة الإلكترونية تتعاطى مع جمهور يتلقى الرســائل التواصلية ويتفاعل معها -إن شاء- من خلال تغذية راجعة، بل مع مستخدم رقمي يمتلك كافة الوسائل والمهارات التي تؤهله لإنتاج المحتوى الإعلامي ونشــره وإدارته على نطاق عالمي/كوني. مستخدم يتوفر على نطاق واسع من الوســائط التواصلية ومنصات النشر المخصوصة التي تستطيع أن تجذب أية فئة من فئات المجتمع المُتعولِم. وفي هذا السياق، تهدف هذه الدراسة إلى بحث الآفاق التي تلوح للصحافة الورقية (المتحوّلة إلى إلكترونية)، والتي تؤهلها للسير قدمًا بالتواصل الإعلامي، معززة أدوارَه وجاعلته أكثر فعالية، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي الذي ارتقى باقتصاديات شبكات التواصل الاجتماعي حتى صارت تتصدر اقتصاديات المعرفة، وترسم ملامح مســتقبل التواصل الإنساني. فلم يعد الذكاء الاصطناعي ترفًا تكنولوجيّا، بل ضرورة وظيفية وبنيوية تقتضيها فعالية التواصل وســهولة الاستخدام والمردودية الاقتصادية. وعلينا أن نأخذ في الاعتبار التحول المتزايد نحو الرقمنة؛ إذ تشــير التقديرات لعام
Made with FlippingBook Online newsletter