اللجوء في التراث الإسلامي ومنظومة القانون الدولي والعربي

في سياق الجغرافيا العالمية الراهنة لتوزيع اللاجئين وأوضاعهم ومستقبلهم أيضًا، يطرح الكتاب الذي صدر حديثًا عن مركز الجزيرة للدراسات، تساؤلات كثيرة بشأن نظرة الإسلام إلى قضية اللاجئين، لاسيما أن نسبة كبيرة منهم حول العالم هم من الدول الإسلامية، أو يقيمون في هذه الدول، ومع ذلك، فإن نسبة قليلة من هذه الدول وقَّعت على المعاهدات الدولية المتعلقة باللاجئين. فهل اللجوء يتعارض مع المفاهيم الإسلامية؟ وإن لم يكن كذلك، فَلِمَ لا يتوفر كثير من الدول العربية والإسلامية على قوانين تتعلق باللاجئين؟ وما المبادئ الإسلامية المتعلقة باللجوء؟ وما الحقوق والواجبات المترتبة على الدولة الإسلامية تجاه اللاجئين؟ وما درجة التقارب والاختلاف بين مفهوم اللجوء في الإسلام وبين معاهدة جنيف للاجئين لعام 1951؟

هـ

الطبعة الأولى: / شباط فبراير 2018 -م

1439

ردمك 978-614-01-2471-4

جميع الحقوق محفوظة

الدوحة قطر -

)+

( 871

- 1810349

- 1810491

هواتف: 1810494

( 871 )+ - البريد الإلكتروني: E-mail: jcforstudies@aljazeera.net

فاكس: 1914114

يمنع نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة تصويرية أو إلكترونية أو ميكانيكية بما في ذلك التسجيل الفوتوغرافي والتسجيل على أشرطة أو أقراص مقروءة أو بأية وسيلة نشر أخرى بما فيها حفظ المعلومات، واسترجاعها من دون إذن خطي من الناشر.

التنضيد وفرز الألوان: أبجد غرافيكس ، بيروت - هاتف (+9611) 785107 الطباعة: مطابع الدار العربية للعلو م ، بيروت - هاتف (+9611) 786233

شكر وتقدير

نشر  لمساهمته

يتقدم ف  ل َ ؤ ُ الم َ بوافر الشكر والتقدير لمركز الجزيرة للدراسات

مصادر المعرفة، ُ ويأمل أن ي ُ ل  مث هذا العمل إضافة للمكتبة العربية ولمكتبة الدراسات القانونية بشكل خاص. كما يتقد إعداد  زيل الشكر لكل من أسهم م الكتاا  وإخراجاه ص  صورته النهائية؛ فبدون تضافر تلك الجهود لم يكن هذا العمل ليرى النور. و تطوي  بالشكر إدارة البحوث بمركز الجزيرة للدراسات لمساعدتها ا ً ر الكتا بدء ً بمناقشة التصور و ا بمراجعة فصول الكتا وإبداء الملاحظاات ً الإطار العام، مرور ً

توياته. كما يشكر إدارة النشار  بتنسيق النص وترتيب ً بغرض تطويرها، وانتهاء ً تأمين المراحل النهائية لهذا العمل من قبيال  والعلاقات العامة بالمركز لمساعدتها التدقيق اللغوي ا قسم الإدارة والتنسايق لمتابعاة ً ، وأيض  والتصميم والإخراج الف ً عملية الطباعة والتوزيع.

5

المحتويات

................................ ................................ ......................... 8 الفصل الأول : الجوار العرب عند في الجاهلية ................................ ................ 51 المبحث الأول : التشكيل الاجتماعي للقبيلة والطبقي العربية ................................ .... 48 المبحث الثاني : الجوار ................................ .............................. 14

مقدمة

وأحكامه

الإسلامي ................................ ................... 15 النبوي ................................ ....................... 46 الإسلامي ................................ ....... 74 ................................ ................... 91

: الجوار التراث في

الفصل الثاني

المبحث الأول : الجوار العهد في

: مصطلحات التراث في جديدة

المبحث الثاني المبحث الثالث

: الجوار في الخطاب القرآني

الإسلامي ............................. 79

للاجئين التراث ضوء في

: جنيف معاهدة

الفصل الثالث

................................ ..................... 404 المضيفة ................................ .................... 448 ................................ ............................. 418

المبحث الأول : اللاجئ مفهوم

وواجباته

: مسؤولية الدولة

المبحث الثاني

المبحث الثالث اللاجئ حقوق :

................................ . 587

العربية واقعا

الدول في

الفصل الرابع اللجوء وضع :

وقانونا

العربية ................... 486

الدول في

أوضاع اللاجئين

المبحث الأول : الاتفاقية العربية لتنظيم

.................... 488

جنيف معاهدة

العربية الموقعة

الدول في

المبحث الثاني اللجوء واقع :

على

.............................. 336

جنيف معاهدة

الموقعة

العربية غير

الدول :

المبحث الثالث

على

................................ ................................ ..................... 311 ................................ ................................ .................... 361

خاتمة

ملاحق

................................ ................................ ... 397

المصادر

والمراجع

قائمة

7

مقدمة

تل   قضية اللاجئين اليوم مكانة مهمة على الصعيد الدو ، بل إن ما نشهده اليوم

سياسات كثير من الدول الكبرى على الصعيد المحلي أو  من تغييرات كبيرة مرده تأثير قضية اللجوء على المجتمعات واقتصاداتها وحياتهاا اججتماعياة  الدو ً منية أيض  والديمغرافية بل وا ً ا. ومع نهاية عام 3044 ، ك ان هناك أكثر من خمسة وساتين ملياون إنساان اضطروا إ الهرو م ن منازلهم حول العاالم بسابب اوارو والصاراعات مم المتحادة الساامية لشاؤون  المسلحة والكوارث الطبيعية، حسب مفوضية ا اللاجئين ( 1 ) . ومن الطبيعي أن هذا العدد الكبير ُ ي ُ  شك  ً دي  ل ً ا حقيقي بلدان  ا للحكومات العالم المختلفة ، وهو يشمل النازحين داخل بلدانهم وطال باي اللجوء ، ومن تا ت خير أصبحت قضاية اللجاوء  الموافقة على منحهم حق اللجوء. وخلال العقد ا مشكلة مواطن عدة من دول العالم، وخاصة العالم الغرب  ساخنة ؛ ي ا ن إ حيث ً ث  اه الشمال حركة الهجرة تزايدت با ً من واجستقرار. وباتات هاذه  ا عن ا ُ القضية ت ُ ْ س ْ َ ت َ َ غ َ ل من قبل اوركا دول غربياة كاثيرة  ت اليمينية الآخذة بالصعود  ساسية ال  لتحقيق أجندات قومية متطرفة تتعارض مع المواثيق الدولية والمبادئ ا قامت عليها اوضارة الغربية. ( 1

) Domonoske, Camila, “Refugees, Displaced People Surpass 60 Million for First Time, UNHCR Says”, npr.org, 20 June 2016, (Visited on 10 December 2016): http://www.npr.org/sections/thetwo-way/2016/06/20/482762237/refugees- displaced-people-surpass-60-million-for-first-time-unhcr-says

9

وج شك  أن هذه التوجهات اليمين ي ة تزيد من تعقيد وضع اللاجئين بسبب ُ طياتها من أفكار متطرفة ت  مله  ما ُ عا دي المهاجرين وتسعى لإقصائهم إم ا بسبب ِ الع ِ جة الوضع اجقتصادي المتردي وتاد ادادمات  رق أو اللون أو الدين أو الصحية والتعليمية، فض ً لا ً ال ساوق  لقها هذا الوضع   عن الصعوبات ال العمل ً . وكذلك أحيان ً من وانتشار الإرهاا بسابب موجاات  جة فقدان ا  ا

الهجرة غير الشرعية ، كما يقولون. بل وصل الضاغ الشاعبوي علاى بعا اجنسحا من المعاهدات الدولياة المتعلقاة  اوكومات الغربية أن بدأت تفكر باللاجئين، أو إعادة صياغتها لتتحل اههم. ل من الواجبات المترتبة عليها وعلى صعيد العالم العر باي والإسلامي ا لإ ً ، واستناد ً

حصااءات المفوضاية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، فإن نسبة كبيرة من اللاجئين حول العالم الدول الإسلامية. فهناك نازح أو ججا  هم من الدول الإسلامية، أو يقيمون ً من بين كل عشرين شخص ً وس  الشرق ا  ا ( 1 ) ، أو كما قال أنطونيو غاوتيريز ( António Guterres ،) الرئيس الس ابق للمفوضية العليا للأمم المتحادة لشاؤون اللاجئين العاالم  غلبية من اللاجئين  للأمم المتحدة، فإن ا  مين العام اوا  ، وا هم من المسلمين ، الادول  ولكن للأسف فإن الكثير مان باراما اللاجائين الإسلامية ج  من هذه الدول  ظى بالدعم الكا ( 2 ) . وأكثر من ذلك ، فإن الق ليل من هذه الدول الإسلامية يم ً لك تشاريع ً ا لي  ا ا للتعامل مع اللاجئين والمهاجرين ( 3 ) . وللدقة فإن ، 14 من دول التعاون الإسالامي ( 1 ) Connor, Phillip, “Key facts about the world’s refugees”, Pew Research Center , 5 October 2016, (Visited on 10 December 2016): http://www.pewresearch.org/fact-tank/2016/10/05/key-facts-about-the- worlds-refugees/ ( 2 ) Guterres, António, Statement by Mr. António Guterres, UNHCR , 4 March 2007, (February 12 2017): http://www.unhcr.org/afr/admin/hcspeeches/45ed1ea64/statement-mr-antonio- guterres-united-nations-high-commissioner-refugees.html ( 3

) Elmadmad, Khadija, “An Arab Convention on Forced Migration: Desirability and Possibilities”, International Journal of Refugee Law , (3), 1991, p. 461-481.

01

المتعلقة بوضع اللاجائين الدول العربية ا لبالغ عددها 33

عت على معاهدة

البالغ عددها 67

جنيف

وق دولة

4864

والبروتوكول الملحق بها عام 4847 فق وثما ، عت على هذه المعاهدة والبروتوكول. وبناء على هذه المعطيات ،

من

وق

ً فإن كثير ً ُ ا من التساؤجت بدأت ت ُ طرح نظرة بشأن

الإسلام إ قضية اللاجئين ، وهل اللجوء يتعارض مع المفاهيم الإسالامية وإن لم يكن كذلك، فما المبادئ الإسلامية المتعلقة باللجوء وما اوقاوق والواجباات اه اللاجئين وما المترتبة على الدولة الإسلامية درجة التقار واجختلاف باين الإسلام وبين معاهدة جنيف للاجئين لعام  مفهوم اللجوء 4864  سئلة وغيرها كانت نقطة اجنطلاق لتأليف هذا الكتا ، الذي هو  هذه ا صل  ا أطروحة جامعية لنيل درجة الدكتوراه م ن جامعة لندن عام 3009 ؛ العالم الغر  ناقشت هذا الموضوع  الكتابات ال كان هذا البحث من أو باي. هذا البحث هو أن التراث الإسلام  التحدي ي، والمقصود به هنا هو كتب التفسير  ة النبوية الشريفة واجتهادات العلماء ن  نصوص القرآن الكريم والس  وعلوم القر آن واوديث والفقه والسير والمغازي وغيرها من أبوا العلوم الشرعية،

حياث

وكان

ً لم يشمل باب ً ً ا واضح ً ت اسم اللجوء أو اللاجئين، كما ه  ا ي اوال مث ً لا ً أبوا  الطهارة والصلاة واوا أو بقية أبوا الفقه الإسالامي ، عازى ُ وي ُ ذلاك إ أن مصطلح اللجوء حديث نسبي ا. وعليه ف قد اتبعنا معالجاة هاذا  ي  المنها التار مر، فاستقصينا  ا مصادر التراث الإسلامي المتعددة، مثل كتب التااري والساير ً د والشعر أيض  والفقه والمعاملات والتفسير بل واللغة وا ً ا، من أجل جمع أكابر تدل على مفهوم اللجوء واوماية. ثم بعد  حداث ال  عدد ممكن من الشواهد وا ذلك قمن ليلها للخروج بمفهوم شامل يقتر مان مبادأ اللجاوء  ا بدراستها و المعاصر.

ول مان  العصار ا  ستخدم ُ كانت ت  ديد المصطلحات ال  وعمدنا إ ُ اللجوء وطلب اوماية، مثل مصاطلح  ا، وتع ً فترة الجاهلية أيض  الإسلام، بل و ً الجوار الذي كان معمو ً ً يء الإس به عند العر قبل ه الن لام، ثم أقر باي جوار بع مشركي قريش حاين  وعمل به وصحابته فدخلوا الله عليه وسلم

صالى

ج

00

كانوا مضطهدين. وعملوا به عند المدينة ومنحوا جوارهم لمان  ا قامت دولتهم إنن َ طلبه من المشركين، وخاصة بعد أن نزلت الآية السادسة من سورة التوباة (و ن َ ال َ ن ِّ م ٌ د َ ح َ أ َ ِّ ٌ َ َ َ ك َ ع َ م ْ س َ ي ٰ ى ت َ ح ُ ه ْ جنر َ أ َ ف َ ك َ ار َ ج َ ت ْ اس َ ين ِ رنك ْ ش ُ م َ َ َ ْ َ ٰ َ ُْ ن ََ َ َ َ َْ َ ِ ن ْ ُ َ َ َ اك ِ ل َٰ ذ ُ ه َ ن َ أم َ م ُ ه ْ غ ِ ل ْ ب َ أ م ُ ث ِ الله َ م َ َِٰ ُ َ َ ُ ْ َِْ ُ ِ َ

م

لا

ٌ م ْ و َ ق ْ م ُ ه ن َ بنأ ٌ ْ ْ ُ ن ج ُ ). كما قمنا بدراسة مصطلح الم َ ون ُ م َ ل ْ ع َ ي ُ َ ُ َْ َ ن هاجن َ ر والمستجير والمسات َ أ ِ م ِ ؛ ن فالمهاجن ن  مكان من ينتقل من مكان إ و  بالدرجة ا  ر تع ً ث ً مان أو  ا عان ا  اجستقرار أو الرخاء أو غيرها من ا سبا . وكذلك ، فإن مصطلح المستجير ي  ع ً أيض ً قوياء والقادرين على توفيرهاا.  ا المظلوم المضطهد الذي يطلب اوماية من ا ُ وأما مصطلح الم ُ َ ست َ أ من الذي ظهر بشكل كبير مع تطور الفقه الإسلامي وأصابح َ ع َ ً قد ً ُ ا ي ُ سم مان لمان  ول توفير اوماية وإعطاء ا  بالمقام ا  مان فهو يع  ى عقد ا يطلبه. ، م َ ومن ث َ فإن هذه المصطلحات الثلاثة تشترك  واحد وهو طلاب مع من. وبعد  اوماية وا تعريف هذه المصطلحات لاتها واستقصاء تث بشكل ال مفص قمنا باختبار مدى تشاكلها واختلافها مع ا مع للجوء المعاصر، وما كان يترتاب عليها من حقوق وواجبات وتشريعات. وبعد أن حد التراث الإسلامي،  دنا مرتكزات ما نعتبره نظام اللجوء حاولنا مقارنة هذا النظام بمعاهدة جنيف الدولية المتعلقة بوضاع اللاجائين لعاام 4864 ً فدرسناها بند ً ً ا بند ً ا لمعرفة مدى التقار واجختلاف بين النظامين. وكاان مان ً د نصوص الطبيعي أج ً ا مفص التراث الإسلامي تقابل  لة وواضحة مواد المعاهدة،

تلتقاي أو  التراث الإسلامي الا  هذه اواجت عن المبادئ والقيم  فبحثنا تلف مع بنود المعاهدة. وخلصنا بعد دراسة كل بند إ  النظر إليه مان الزاوياة الإسلامية سواء باجتفاق أو اجختلاف. تعاا  الدول العربية الا  ثم بعد هذا التأسيس قمنا باستعراض القوانين موضوع اللجوء لنرى إن كانت هذه القوانين ن ن إن ، تلف ماع  وجدت، تتفق أو بهذا ادصوص.  النظام الإسلامي للجوء والقانون الدو ضوء ذلك، قسمنا  و الكتا أربعة إ فصول يناقش ؛ ول  الفصل ا

مناها

الجوار وتطبيقاته مع حيث ُ كان هذا الع ُ تل مكانة مرموقة عند القبائل العربية  رف . هناك ويساتعرض هاذا  عند العر شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام ؛

01

سبا الداعية لاه وكيفياة  حياتهم وأنواع الجوار وا  الفصل أهمية هذا العرف تلك البيئة.  إنهائه وأمثلة كثيرة لتجلياته أما الفصل الثا ، التراث الإسلامي  الجوار  ل ِّ فيفص ِّ ية كيف و تعامل الن باي صلى الله عليه وسلم ُ مع هذا الع ُ مكة المكرمة  رف بعد نزول الوحي وهو ؛ وذلك بهدف معرفة تعامل المسلمين مع هذا العرف عندما كانوا مضطهدين ه ناك وطاالبين للحماية من كفار قريش. ثم نقارن بنظرة المسلمين لهذا العرف عندما تك وا ن 

ذلك

المدينة وأصبحوا ين  هم من المشركين . كما يتعارض بكاثير مان التفصيل إ كيفية تعامل القرآن الكريم مع هذا الموضوع عبر تسلي الضوء علاى الآية السادسة من سورة ا لتوبة ( ٰ اى ت َ ح ُ ه ْ جنر َ اأ َ ف َ ك َ ار َ ج َ ت ْ اس َ ين ِ رنك ْ ش ُ الم َ ن ِّ م ٌ د َ ح َ إنن أ َ و ٰ َ ُْ ن َ َ َ َ َ َْ َ ِ ن ْ ُ َ ِّ ٌ َ َ ن َ َ ك َ ع َ م ْ س َ ي َ َ َ ْ َ َ َ ٌ م ْ و َ ق ْ م ُ ه ن َ بنأ َ ك ِ ل َٰ ذ ُ ه َ ن َ أم َ م ُ ه ْ غ ِ ل ْ ب َ أ م ُ ث ِ الله َ م ٌْ َ ْ ُ َ ن َ َِٰ ُ ََ َ ُ ْ َِْ ُ ِ َ ج َ ون ُ م َ ل ْ ع َ ي َ ُ َْ َ ) ( 1 ) ؛ وذلك عبر استعراض زمنة المختلفة وادروج بتفسير مناسب لهذا ال  معظم التفاسير عبر ا سياق. فهذه الآية تعتبر حجر الزاوية للتشريع القرآ للجوار. للجوار واحد من هذه الفئات وواجبات. أما الفصل الثالث فيعقد مقارنة بين التراث الإسالامي ومعاهادة جنياف الدولية لعام ، 4864 ، المتعلقة بوضع اللاجئين لنرى إن كان ثمة توافق أو اخاتلاف بين النظامين. ويستعرض الفصل الرابع بشكل عام واقع اللجاوء واللاجائين العاالم  العر باي من الناحيتين الواقعية والقانونية . فبع الدول العربية وقعت على معاهدة 4864 ع. ولكن معظم الدول العربية تساتقبل  ، وبعضها الآخر لم يوق  كم ذلك  ا كبيرة من اللاجئين، فكيف يتم التعامل معهم وأية قوانين ً أعداد ً ثم جاءت اداتة لتقديم والنظام الإسلامي  خلاصة المقارنة بين القانون الدو الدول العربية.  والواقع القانو المتعلق باللجوء ( 1 ) سورة التوبة، الآ ية 4 . ا ً يعا هذا الفصل أيض ً الفقه الإسلامي،  " مان  موضوع "عقد ا  وهره يع العصر اوديث.  اللجوء ساياق  ف بمصطلحات مهمة ِّ كما يعر ِّ هذا البحث مثل دار الإسلام ودار اور المهاجر والمستأمن وما ، لكال

غير ل

ما

لا

والاذي

و

والذمي

و

من حقوق

جنيف، لعام

01

الفصل الأول

الجوار عند العرب في الجاهلية

05

ً لعب الجوار دور ً ً ا كبير ً حياة العر قبل الإسلام  ا ت وكان ،  لياته كثيرة تلفة من حياتهم اججتما  زوايا ً عية والسياسية. فنظموا الشعر مدح ً ً ا وتجيد ً ا لمان يمنح الجوار وتغن وا به وافتخروا أي  ما افتخار. كما ذم  ااذل عان  وا وقدحوا من إعطاء الجوار أو قص ا ُ أداء حقوق الجار. وكان للجوار أعراف وتقاليد أو ق  ر ُ :ل قوانين غير مكتوبة عند العر يعرفونها بشكل جيد ، وكل طرف يعرف ما له وما هم  عليه من اوقوق والواجبات. وكما يشهد تار ، ً فإن حروب ً ا طويلة ممتدة ثارت ثنايا هاذا  بين القبائل العربية بسبب خرق القوانين المتعلقة بالجار، كما سنرى الفصل. وكان للجوار أبعاد سياسية إذا جاز التعبير فمن يعطاي الجاوار واوماياة بالضرورة هذا تعبير عن قوة  مل تبعات ذلك مهما بلغت التكلفة. و  قادر على تنح الجوار ومكانتها بين القبائل.  المجير وقوة القبيلة ال سبا كثيرة منها الطبيعة الصحراوية  البيئة العربية  ذر هذا العرف وقد عاش فيها العر ، وكذلك التشكيل اججتماعي والطبقي  ال  للقبيلة العربية. و

هذا الفصل سنعا هذه القضايا بشكل مفصل وما نشأ عنها من ظواهر أخارى طلب الجوار، وأحكام الجاوار تدعو إ  سبا ال  ا مشابهة. كما سنتطرق إ ق له إعطاء الجاوار  وما يتعلق به من حقوق وواجبات للطرفين المتعاقدين ومن وكيفية إنهائه.

07

المبحث الأول

التشكيل الاجتماعي والطبقي للقبيلة العربية

افاه  طلب اوماية من شيء

لسان العر الجوار  ف ابن منظور بأنه "

عر

" المرء ( 1 ) ً . وقد شاع الجوار عند العر كثير ً ا قبل ظهور الإسلام، واحتل مكاناة سبا متعددة، كما سنرى.  حياتهم وثقافتهم وتقاليدهم  كبيرة وقد تشكيل  والمناخ الصحراوي للجزيرة العربية أثر  كان للعامل الجغرا عااش  طبائع الناس وشخصياتهم وأعرافهم اججتماعية. فالبيئة الصحراوية الا ظلها كانت بالغة القسوة والصعوبة من حيث قلة المطر وشدة اوارارة.  العر ً معاشهم قائم  وكان اعتماد العر ً ا على تربية الم نعام، فمنها ياأكلون  اشية وا ومن أصوافها يلبسون وبها يتاجرون. وج شك  البادياة  أن التنقل والسافر ًّ الصحراوية بوسائل النقل البدائية آنذاك كان شاق ًّ ً فوف  ا و ً وصافه ا بالمخاطر ح مد  الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قطعة من العذا ، فقال: " السفر قطعة من العذا يمنع أحدكم طعامه وشرابه، ونومه، فإذا قضى نهمته من وجهه فليعجل إ " أهله ( 2 ) .  مقدمته: إن أهل البدو، لتفردهم وتوحشاهم  وكما يقول ابن خلدون ً الصحاري، قائمون بالمدافعة عن أنفسهم. فهم دائم ً ملون السلاح ويتلفتون عن  ا الطرق، ويتجافون عن النوم  كل جانب البيداء، واثقين بأنفسهم  ، ويتفردون ( 1 ) ابن منظور، مد بن مكرم،  لسان العرب ، (دار صادر، بيروت، 4864 ، ج ) 1 ص ، 887 . ( 2 ) مد،  ، لبا  ا تصر صحيح مسلم  ، (المكتب الإسلامي، بايروت، 4897 )، ج 4 ، ص 386 .

09

ً قد صار لهم البأس خلق ً دعااهم داع أو ا، والشجاعة سجية يرجعون إليها ما استنفرهم صارخ ( 1 ) . و ُ انتشار ع  كان للتشكيل الطبقي دور ُ رف الجوار بين العر ؛ فقد كانت ذلك المجتمع. و  القبيلة العربية وحدة اوياة السياسية واججتماعية كانت أقاوى الدم  فراد هي اجشتراك  ترب ا  العلائق ال ، ذلك يقول روبرتسون سميث  و ( Smith Robertson ): كل أعضاء قبيلة ما اعتبروا صل واحد.  أنفسهم ينتمون وكان يتضح جلي قانون عصبة الدم مدى قوة وتأثير القرابة. و  ا  تع القرابة عند الدم ال  العر الشراكة  عروق كل أعضااء القبيلاة. و  ري واحد الذي كلمة واحدة نقول : ً إن القرابة هي راب القبيلة الذي ينسا كل رجال القبيلة مع ً ا دد على أساسها الواجبات والمسؤوليات   وهي ال ( 2 ) . النسب العام  رد اجشتراك ويوجد داخل القبيلة الواحدة رواب أشد قوة من أو اجنتسا  فراد من أهل بيت واحاد أو إخاوة  القبيلة، مثل أن يكون ا إ واحد ( 3 ) ة ج يدخلاها  . وقد حرص العر على نقاء الدم وأن تكون أنسابهم صار اختلاط. وكانوا إذا شك وثاان ليستقساموا  سادنة ا نسب الرجل يأتون إ  وا زجم ضمن تقليد معين ينص على أن يأتوا بهدية للإله،  با قاداح  وبعد أن يضربوا با ً ا ( 4 ) . وكانت العر تسمي الملصق بالمؤتشب أي غير صريح النسب ( 5 ) . وكاان إذا خرج ً الولد صر ً ا فإن ذلك مدعاة للفخر عندهم، يقول أبو هلال العسكري ( 6 ) : ( 1 ) ابن خلدون، عبد الرحمن، المقدمة ، دبية، بيروت،  (المطبعة ا 4800 ط )، 1 ص ، 16 . ( 2 ) Smith, W. R. Kinship & Marriages in Early Arabia , (Beacon Press, Boston, 1903), p. 25-27. ( 3 ) ابن خلدون، المقدمة ص ، 19 . ( 4 الكل ) باي، هشام، كتاب الأصنام (دار الكتب المصرية، القاهرة، 3000 ط )، 1 ص ، 6 وابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب ، (دار المعارف، القاهرة، 4819 ص ، ) 489 . ( 5 ) الميدا ، أحمد، مع الأمثال ، (دار الجيل، بيروت، 4897 ص ) 348 . ( 6 ) النويري، أحمد، نهاية الأرب في فنون الأدب ، (مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 4899 ص ، ) 649 . ً ، يقول السادن: اللهم أيهما كان خير ٌ ، وملصق ٌ المكتو فيها: صريح ً ٌ ٌ ا فأخرجه لفلان، رج له، فإن خرج الصريح أوقوه بهم، وإن خرج الملصق نفوه وإن كاان  فيرضى بما ً صر

11

ع ادد الك ارام كااريم  ق اد زاد

الك ارام ص اميم  ٌ ص اريح ٌ ا 

ِّ ِّ ر ابن خلدون نقاء القبائل العربية بأنه لما كان معاش العر من القياام  التوحش على الإبل ونتاجها ورعايتها، والإبل تدعوهم إ القفر لرعيها مان ً رماله، والقفر مكان الشظف والسغب، فصار لهم إلف  شجره ونتاجها ً ا وعاادة. ُ ور ُ ِّ ب ِّ ً تكنت خلق يت فيه أجيالهم ح ً مام أن  ا وجبلة، فلا ينزع إليهم أحد من ا جيال. بل لو وجد واحاد مناهم  حالهم، وج يأنس بهم أحد من ا  يساهمهم الفرار من حاله و السبيل إ جل ذلك مان  أمكنه ذلك لما تركه، فيؤمن عليهم فوظة  اختلاط أنسابهم وفسادها، وج تزال بينهم ( 1 ) . ومن هنا ، ظهر قانون العصبية بينهم، الذي أنشأ تقسيمات داخال المجتماع  السلم اججتماعي للص  و  القبلي، بناء على رابطة الدم. وكانت المرتبة ا  َ ر َ حاء، وهم خالص النسب و ( 2 ) القبيلاة من القبيلة، ثم للحلفاء والموالين الذين انضموا إ ِ حرار من غير أبنائها عن طريق الجوار أو او  من العر ا ِ لف ( 3 ) ، وكان الواحاد ُ منهم ي ُ سم ً ى ملصق ً ا جلتصاقه بالقبيلة واختلاطه معهم ( 4 )  . وكانت هذه الطبقاة ُ مرتبة أدنى من الصرحاء، بل كانوا ي ُ َ ع َ ي رون ً أحيان ً ا بهذه الصفة، فقد هجا ذو الرماة ً يوم ً ا اوكم بن عوانة فقال فيه ( 5 ) : ُ فلو ك ُ َ نت َ ً من كلب صاميم ً ُ ا هجوت ُ هاا َ ولكن ل َ َ ع َ ْ م ْ ن ري ج إن خالاك مان كلابن ن ويفس

) ابن خلدون، المقدمة ( 2 ) ابن منظور، لسان العرب

.

( 1 ( 3

ص ،

17

.

ص ،

ج ،

1413

9

) Smith, Kinship & Marriages in Early Arabia , p. 48 ( 4 ) ابن خلدون، المقدمة 41 .

ص ،

معرفة الأديبب معجم الأدباء: إرشاد الأريب إ ، (دار الغار

) اوموي، ياقوت،

( 5

الإسلامي، بيروت، 4881 . إ أي نك ملصق بالقبيلة ولست منها كما تلصق أي القدح الكبير وهي ليست منه. 713

ص ، )

(القعب)  قطعة ادشب لتسد فتحة

10

ُ ولكنمااا أ ُ ُ خاابرت ُ أنااك ملصااق كما ألصقت من غيرها ثلمة القعب وكذلك حين هجا عثمان بن اوويرث الوليد بن المغيرة ؛ قال له ( 1 ) : وإ امرؤ مان جاذم كعاب مقابال وأنت ضاعيف الجاد ألصاق ملصاق كما مي ُ ز العر فئة أخرى عن الصرحاء وهي اله ُ َ ج َ ناء. والهجين هو الولاد العر باي ٍّ من أم ٍّ غير عربية ( 2 ) ً . وأحيان ً ا كان يقال لهم : أوجد الإماء. وكانت العر ِّ الجاهلية ج تور  ِّ ث الهجين ( 3 ) ُ ، وج ت ُ ِّ سو ِّ ده من الصارحاء  لو كان ا ح ( 4 ) ، بل كانت بع القبائل ج تزوجه، فحين خطب ابن ميادة (واسمه ثوبان بن سراقة بن سلمى بن ظالم، وكان يزعم أن أمه فارسية) ( 5 ) سلمى بن مالاك  امرأة من ب بن جعفر، أبوا أن يزوجوه ، ن أشرف منك  و ٌ وقالوا: أنت هجين ٌ ( 6 ) . ثم كانت هناك الطبقة َ الثالثة وهي ا َ ق ن رن اء والعبيد وهم المجلوبون عن طرياق الشراء، أو أسرى اورو . كماون  وكان للصرحاء ميزات خاصة داخل هذا المجتمع، فهم السادة الذين القبيلة. وكانت هذه ال قوق قبلية كثيرة يقابلها كثير مان الواجباات،  طبقة تتمتع نظ ُ مها القانون الع ُ على أساس من  ر التضامن التام بين الفرد والجماعة. وكان من أهم حقوق هذه الطبقة ضمان اوماية فرادها  وهم أحياء والثأر لهم عند الموت قت ً لا ً . قبيلة ُ ظالمة أو مظلومة. واشت ُ هر المثل الذي جس د هذا القانون: " انصر أخاك ظالماا أو ( 1 ) مد،  ، المرزبا معجم الشعراء ، (مكتبة القدسي، القاهرة، 4816 ص ، ) 39 . ( 2 ) ابن منظور، لسان العرب ج ، 46 ص ، 6840 . ( 3 ) ندلسي، ابن عبد ربه،  ا العقد الفريد ، (دار الكتب العملية، القاهرة، 4897 ص ، ) 818 . ( 4 ) العسكري، اوسن، جمهرة الأمثال ، (دار الفكر، بيروت، 4897 ص ، ) 44 . ( 5 ) اوموي، معجم الأدباء ص ، 174 . ( 6 ) صفها ، أبو فرج،  ا  كتاب الأغا ، (دار الثقافة، بيروت، 4891 ج ، ) 3 ص ، 344 . ( 7 ) ابن خلدون، المقدمة ص ، 14 . أول بنوده على حماية أعضاء القبيلاة مان أي  ، وينص دستور العصبية مواجهة أية أخطار  اعتداء والدفاع عن القبيلة ( 7 ) ، دون تفكير إن كانت ال

11

ر عنه الشاعر ، دريد بن الصمة ( 2 ) ،

( 1 ) ،

ً ً

حين قال:

وعب

مظلوم

" ا ص

ت َ او َ ة إن غ َ اا زي َ اد غ ُ ش ْ ر َ وإن ت ُ غوي ات ُ َ

اا زني َ وماا أناا إج مان غ ن

َ اد ُ ش ْ ر ُ

ة أ

ا ً أخيهم، سواء كان ظالم ً ا أو

سبا لنجدة  تاجون أن يسألوا عن ا  فهم ج

ً ً ُ ي ا، بل يكفيهم أنهم سمعوا نداء اجستغاثة ح ُ َ ل َ  ب  وا، كما قال قري بن أنيف العنبري ( 3 ) : ج يس األون أخ ااهم ح اين ين ادبهم اا ً النائباات علاى ماا قاال برهان  ا وكذلك قول حميد بن ثور ( 4 ) : إذا استنجدوا لم يساألوا مان دعااهم يااة حاار  أم بااأي مكااان نشوء ظاهرة الصعاليك ورغم ما قلنا من تسك الفرد بالقبيلة وحرصه على عدم ادروج على قوانيناها وأعرافها فقد ُ و ُ ن جن رج على تقاليد القبيلة،  تلك البيئة من يغامر و  د ومن ثم ُ ي ُ ِّ عار ِّ ض َ عقوبة الطرد أو اد نفسه إ َ ل ع من القبيلة. وهي عقوبة شديدة ؛ حيث يضط ر المخلوع الصحراء أو يطلب جوار قبيلة أخرى. وكان  أن يهيم على وجهه ا دلياع يسامى ً أحيان ً مظلوم

"أبيات المعا ": اللعين المطرود هو الذي  ا الرجل اللعين، وهو ما قاله ابن قتيبة خلعه أهله لكثرة جناياته ، وقيل اللعين: المطرود الذي يلعنه كل أحد وج يؤويه ( 5 ) . ( 1 ) العسكري، جمهرة الأمثال 1 ، والميدا ، مع الأمثال 111 . مل من أنساب الأشراف كتاب ا ، (دار الفكر، بايروت، 4884 ) ، ( 2 ) البلاذري، أحمد،

ص ،

ص ،

. ندلسي،  وا العقد الفريد

.

ص ،

748

111

ماسة  شرح ديوان ا ، (لجنة التأليف والترجماة والنشار، القااهرة،

) المرزوقي، أحمد،

( 3

.

ص ، )

17

4861

.

) المرجع السابق،

( 4

ص

17

( 5 ) البغدادي، عبد القادر، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ، (دار الكتب العلمية، بيروت، 4889 673 .

ص ، )

11

أسباب الخ عل خرى ومن فرد لآ  تلف من قبيلة  كانت أسبا ادلع ؛ خر فكانت القبيلة لع الفرد  ها لتصرفاته الشائنة وادارجة على تقاليد القبيلة وأعرافهاا. وممان

من

خلعتهم قبيلتهم بسبب سلوكهم الشائن : كنانة  البراض بن قيس بن رافع من ب ؛ ً حيث كان سكير ً ا ً فاسق ً ا، فخلعه قومه وتبرؤو ؛ منه ا الديل فخلعوه  ب  فشر ؛ ً فأتى مكة وأتى قريش ً ا فنزل على حر بن أمية، فحالفه فأحسن حر جاواره ، َ ه وشر بمكة ح َ م لعه  حر أن ؛ إج  فقال ور : إنه لم يبق أحد ممن يعرف  لم ينظر إ  سواك، وإنك إن خلعت  خلع على حلفك، وأناا  أحد بعدك، فدع خارج عنك، فتركه. وخرج فلحق بالنعمان بن المنذر باويرة ( 1 ) . وكذلك كاان عامر بن جوين أحد ادلعاء الفتاك قد تبرأ قومه من جرائره ( 2 ) . ً وقد يصبح المرء طريد ً ً ا بسبب القتل فيهر من قبيلتاه ليعايش مشارد ً  ا ً الصحراء، أو يطلب جوار ً ا عند قبيل ة أخرى ( 3 ) َ . ومثال ذلك قيس بن زهير لما ق َ َ ت َ ل وق بالنمر بن قاسا فر الهباءة، خرج ح حذيفة بن بدر ومن معه ، وقاال: يا معاشر النمر، أنا قيس بن زهير، غريب حريب طريد شريد موتور، فقبلوه وأقام ُ و فيهم ح ُ ِ ل ِ د له ( 4 ) . حاجت أخرى  و ، كان الواحد من  هم يطلب من قومه أن لعوه إذا أراد أن يرتكب كبيرة ولم يرد أن تلحق جريرته بأهله ؛ وممن فعل ذلك عمرو بن العااص ُ قبل أن ي ُ ْ س ْ ِ ل ِ اوبشة طريقه مع عمارة بن الوليد إ  م، حين كان ؛ فبعد أن شك ُ عمرو بعمارة أنه يريد زوجته بسوء أراد أن يقتله ولكنه خشي على أبيه أن ي ُ ْ ت ْ ا َ ب َ ع ريرته، فكتب إ أبيه العاص " المغيرة وجميع  ب وتبرأ من جريرتي إ  أن اخلع زوم   ب " رجال من قوماه إ  . فلما ورد الكتا على العاص بن وائل مشى ( 1 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 4 ص ، 4674 . ( 2 ) المرجع السابق ج ، 1 ص ، 4010 . ( 3 ) Smith, Kinship & Marriages in Early Arabia , p. 25. ( 4 ابن أ ) باي او ديد، عز الدين، شرح نهج البلاغة (دار إحياء الكتب العلمية، القااهرة ٣٦٩١ ص ، ) ٣٠٨١ .

14

زوم   المغيرة وغيرهم من ب  ب ؛ فقال: إن هذين الرجلين قاد خرجاا حياث ْ صاحب شر، وهما غير مأموني ٌ علمتم، وكلاهما فاتك ْ ٌ

ن على أنفسهما وج ندري ما ُ يكون. وإ أبرأ إليكما من عمرو ومن جريرته وقد خلعت ُ ؛ ه فقالت بنو المغيرة وبنو ً اف عمر  زوم: أنت  ً ن عمارة وتبرأناا إلياك مان  ا على عمارة! قد خلعنا َ جريرته، ف َ َ خ َ  ل  ً بين الرجلين. فاتفقوا ثم بعثوا منادي ً ا ينادي بمكة أن ا قد خلعناهما ( 1 ) . إعلا ن الخلع معها الإشهار والإعلان للنااس كان ادلع يتم وفق مراسيم معينة، ولكن ج تؤاخذ القبيلة بأي ح ة إذا خاف من ولده أن  جريمة قام بها ادليع. وكان ا َ ي َ ُ ج ُ ر عليه ر ُ ، وإن ج ْ من َ ض َ لم أ ر َ ه فإن ج ُ ت ْ ع َ ل َ قد خ  عليه جناية، خلعه فيقول: هذا اب ُ ْ َ َ َ ُْ ََ ، ف ْ لم أطلب ْ ْ ؤ ُ لا ي ْ َ خ َ ريرته بعد ذلك ُ ذ ُ ( 2 ) . وكذلك كانت القبيلة تعلن خلعها لفرد ُ من أفرادها وت ُ المواسم. وقد كان اوا من المواسم المناسبة لإعالان  شهد الناس  م سواق كسوق عكاظ. فهي مواسم  خلع ادلعاء، وكذلك كانت مواسم ا  ع، لع من يراد خلعه، ومثال ذل  ينادي فيها المنادي ك قيس بن اودادية خلعته خزاعة ا ً لعها إياه. وكان أهل مكة يكلفون منادي  بسوق عكاظ وأشهدت على أنفسها ً ا ا ً حياء، ينادي بأعلى صوته عن خلع ادليع. وقاد يكتباون كتاب  بالطواف با ً ا  ل   فظونه عندهم أو يعلقونه   عام ليقف عليه الناس ( 3 )  . وكانت العار الجاهلية تنفي خل جب عاءها إ ل غر الجزيرة يقال له  : وضاى َ ض َ ح َ َ ( 4 ) . وقاد ُ اشت ُ هر بع الناس بإيوائهم للخلعاء مثل الزبير بن عبد المطلب ( 5 ) .  إزاء الوضع الصعب الذي عاشه ادلعاء بعاد طاردهم، وتابر  ؤ القبيلاة منهم وجدوا أنفسهم أمام خيارين ج ثالث لهما، فإما أن يلج ؤ جوار قبيلاة وا إ ( 1 ) المرجع السابق ص ، 410 . ( 2 ) الفراهيدي، ادليل، كتاب العين ، (وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 4890 ص ، ) 30 . ( 3 ) علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، (دار الساقي، با يروت، 3004 ) ، ج 7 ص ، 143 . ( 4 ) اوموي، معجم الأدباء ص ، 681 . ( 5 ) البغدادي، خزانة الأدب ص ، 4441 .

15

ميهم ضمن عرف الجوار  أخرى ، وإما أن يلج ؤ ُ الصحراء ي وا إ ُ غايرون علاى القوافل ويقطعون الطرق، وبذلك نشأت ظااهرة الصاعاليك ؛ ا حياث تكت ل ادلعاء وكو ُ نوا عصابات تغزو وت ُ غير وتقطع الطريق، ولم يستث ن ن هاؤجء ادلعااء قومهم من الغزو ؛ ً فقيس بن اودادية كان شاعر ً ا من شعراء ً الجاهلية، وكان فاتك ً ا ً شجاع ً ً ا صعلوك ً ً ا خليع ً ؛ ا ُ خلعته خ ُ َ ز َ َ اع َ لعها  ة بسوق عكاظ وأشهدت على أنفسها ً تمل جريرة  إياه، فلا ً عليه. ولما خلعته خزاعاة ٌ رها أحد ريرة له، وج تطالب ٌ شذ ٌ جمع لهم قيس ٌ ً اذ ً ا من العر ، وأغار عليهم بهم، وقتل منهم رج ً لا ً يقال له ابان عش، و ً استاق أموالهم، فلحقه رجل من قومه كان سيد ً ارق،  ا، يقال له ابان ( 1 ) . وكان بعضهم يهجو قومه ويشتم أعراضهم بعد خلعه، ومن ذلك شابيب بن البرصاء من قوم أرطأة بن سهية، طرده قومه فاستجار ب عثمان بان حياان عثمان فقالوا له: يعمنا بالهجاء المري، ثم أخذ يهجوهم ويسبهم، فجاء قومه إ ويشتم أعراضنا، فأمر بإشخاصه  إليه فأشخص، فقال له: تسب  أعر اض قوماك وتستطيل عليهم! أ ً قسم قسم ً ًّ ا حق ًّ قطعن لسانك، فقال  ا لئن عاودت هجاءهم شبيب ( 2 ) : سجنت لسا يا بان حياان بعادما شبا تاو بااي، كام  إن عقادك وكاال طرياادل هالااك مااتحير كما هلاك اوايران والليال مظلام مع حوله وكان الشاعر عروة بن الورد من الشعراء الصعاليك الصعاليك ِّ م ُ والفقراء ويغزو بهم ويرزقهم مما يغنمه، ولذلك س ِّ ي "عروة الصعاليك". وكان ( 1 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 41 ص ، 411 . ( 2 ) المرجع السابق ج ، 43 ص ، 131 . ولقومي فقد أبررت قسامك  فأقسم عليه أن يرد ما استاقه، فقال: أما ما كان فيه، فرد ساهمه وساهم  فيه، وأما ما اعتورته أيدي هذه الصعاليك فلا حيلة عشيرته

16

ً من فتيان قومه الفقر، أعطاه فرس إذا شكا إليه ف ً ً ا ور ً ا، وقال له: إن لم تستغن بهما فلا أغناك الله ( 1 ) . الكة" و"تاأب شار ُ واشتهر من الشعراء الصعاليك "السليك بان س ُ ا"، و"الشنفرى". وكان من شدة اعتداد الصعاليك بأنفسهم واستغنائهم عن غيرهام أنهم كانوا ج يطلبون من أحد دفنهم بعد موتهم. ومن ذلك ما قاله الش ْ ن ْ َ ف َ َ ر َ ى اطبا  قومه ( 2 ) : ٌ ا ارم  ج تقا ابرو إن قا ابري ٌ عل ايكم ولك ان أبش اري أم ع اامر ِّ بل كان الشنفرى يفض ِّ تمع اويوانات ل ى عل  قبيلته، ومن ذلك ما قالاه جميته الشهيرة ( 3 ) : ُ أ  أقيمااوا با ُ اا ِّ م ِّ ي صادور مطايكم قااوم سااواكم فااإ إ َ َ َْ م َْ ُ ياال ُ ذى  رض منأى للكاريم عان ا  ا  و وفيهاا لمان خااف القلاى متغااز ُ ل ُ رض  ا  فهو يؤذن قومه بالرحيل، وأن غفلتهم عنه توجب مفارقتهم، وأن ً مكان ً ا ذى الذي يأتيه من قوماه  له يستطيع أن يعيش فيه بغير الذم والتقريع وا ثم ، ً يتحدث عن القوم الذين يريد أن يهجر الناس جميع ً ا من أجلهم، فإذا هم ذئب ونمر وضبع ( 4 ) : ( 1 ) مود،  ، شري  الز ربيع الأبرار ونصوص الأخيار ، (دار الكتب والوثاائق القومياة، القاهرة، 3004 ص ، ) 130 . ( 2 ) المرزوقي، ماسة  شرح ديوان ا ص ، 417 : أي . ج تدفنو عليكم، يريد ٌ رم   إن دف ٌ استغناءه عنهم حي ً ا وميت ً ا. ثم قال : "ولكن أبشري أم عامر"، (وأم عامر هاي الضابع) أمره. تأكل ومه وتتو ( 3 ) البغدادي، خزانة الأدب ص ، 130 . ( 4 ) المرجع السابق، ص 134 . وحنفي، شعر الصعاليك ص ، 14 . ملس، وعرفاء جيأل هاي  سيد عملس أي الذئب السريع، وأرق زهلول هو النمر ا الضبع.

17

دونكام أهلاون: سايد عملااس  و ُ وأرق ا زهل اول وعرف ااء جيااأل ُ هل ج مساتودع السار ذائاع  هم ا لديهم وج ا َ الجاا بماا ج َ ر ُ ي ُ َ خاذ َ ُ ل ُ ً وجدير بالذكر أن هؤجء ادلعاء كانوا أحيان ً ايرون يث  ا من القوة بمكان ؛ غيرهم ُ فقد نزل امرؤ القيس بعامر بن جوين، وهو يومئذل أحد ادلعاء الف ُ ل ت اك قاد تبرأ قومه من جرائره، ولكن عامر هم أن يغلبه على أهله وماله، فلما عرف امارؤ القيس ذلك منه وخافه على أهله وماله، تغفله و ا ثعل يقاال  رجل من ب نتقل إ ُ له حارثة بن م ُ ٍّ ر ٍّ فاستجار به ( 1 ) . التغريب حق  رض، وكانت العر تستعمل هذه العقوبة  وهو النفي عن البلد أو ا كماون  من يستهتر بعرف القبيلة ويقوم بأعمال منكرة وج يصلح نفسه فكانوا عليه بالجلاء ُ عن أرض القبيلة واجبتعاد عنها مدة ت ُ َ ح َ د ُ د وت ُ َ ع َ ي ن، فهو نفي وإجلاء. وهذه العقوبة خلاف ادلع ؛ حيث تتخلى القبيلة عن المخلوع بشكل مطلاق دون ُ ديد مدة معينة. وقد ع  ُ رف التغريب الجماعي عند العر ؛ حيث ياتم إجالاء جماعة من موضع سكنهم فقد ؛ َ أ َ ْ ج ْ َ ل َ ْ ت ْ َ س َ أ  ة ب َ اع َ ز ُ خ َ َ َ ُ من. وقد كان الفرس َ ر َ د عن او ن َ َ أماكن أخرى. وفعل الاروم لون القبائل المعادية لهم عن مواضعها ويرسلونهم إ ً ذلك بالعر أيض ً ا ( 2 ) الهفاة، ه إ ْ ت عليه ملوك فارس نفت َ . وكان كل من سخط ْ َ وهي قديمة مدينة  كانت طرف العراق من جهة فارس ( 3 ) . الحلف هو أن تتعاقد قبيلتان أو أكثر على أغراض معينة كالتناصر وصد اجعتاداء ، ( 1 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 4 ص ، 149 . ( 2 ) علي، المفصل ج ، 7 ص ، 176 . ( 3 ) اوموي، معجم الأدباء ص ، 4933 .

18

ُ ُ َ َ ً ن ذلك اولف ليكون معلوم ً خرى. وتكون لهذه  ا عند أفرادها وعند القبائل ا  ددة، كأن تسعى قبيلة لعقد حلف مع قبيلة أخرى لمساعدتها  حلاف آجال  ا ِّ صد ِّ غزو قبيلة أخرى، أو الوقوف موق  غزو سيقع عليها أو لمساعدتها ف حيااد

وي عل لي

اه الغزو، أو مساعدة قبيلة ل قبيلة أخرى للأخذ بثأر من قبيلة لهاا ثاأر معهاا. الفاه،  مثل هذه التحالفات أن الضعيف هو الذي يبحث عن حليف  والغالب ُ

ُ ِّ و َ ق ِّ ُ ي بهذا التحالف نفسه، وي ُ ِ ع ِ  ز  حلاف ج تعمر طاوي  به مكانه. ومثل هذه ا ً لا ً ؛ ُ من أجلها ع  إذ ينتهي أجلها بانتهاء الغاية ال ُ ً قد اولف. وإذا دام اولاف أماد ً ا طوي ً لا ً جمعت شمل تلك القبائل متينة، فإن هذه الرابطاة  وبقيت هذه الرابطة ال ٍّ نسب يشعر معه أفراد اولف أنهم من أسرة واحدة تسلسلت من جاد تنتهي إ ٍّ ُ دث ما ي  واحد. وقد ُ فسد هذه الرابطة انفصال بعا قبائال ، أو ما يدعو إ الجزيارة  د أحلاف أخرى. وهكذا كنت اولف، فتنضم القبائل المنفصلة إ ً أحلاف ً ً ا تتكون، وأحلاف ً  الغالب  ا قديمة تنحل أو تضعف. ويشترك المتحالفون هاذه للقبائال  المواطن، وقد تنزل القبائل على حلفائها، وتكون الهيمنة بالطبع ا لكبيرة ( 1 ) . والفرق بين التحالف وبين الجوار من خلال استقراء حاجت الجوار هاو أن فراد، وليست القبائل  الجوار كان يغلب أن يلجأ إليه ا ؛  حيث ياذو الفارد ُ عقد اولف بشروط معينة وبذلك ت أجارته، بينما القبائل تسعى إ  القبيلة ال ُ ي بق على شخصيتها وكيانها من أن يذو خرى.  شخصية القبيلة ا 

المفصل

.

)

( 1

ص ،

ج ،

علي،

176

1

19

المبحث الثاني

الجوار

وأحكامه

يرك هو الذي يمنعك و ( 1 )

خطاار  . وما أكثر ا تلك البيئة القاسية. فكاان مان الطبيعاي أج  كانت تتهدد الفرد والقبيلة  ال ً يستطيع أحد العيش بمفرده. ومن وجد نفسه وحيد ً ي سبب م  ا سبا كان  ن ا قوياء ومايته ومساعدته على العيش.  عليه اجستعانة بأحد ا انتشار الغزو بين القبائل للحصول وقد أدت قسوة اوياة وندرة مقوماتها إ على الطعام والماشية وكل ما يصلح حياتهم ؛ فأصبحت عادة الغزو من الصافات دون الملازمة لبع القبائل ح الطعام حاجة إ حيان، كما يصورها  بع ا  ُ الشاعر الق ُ ا ط ِ م ِ  ي  بقوله ( 2 ) : فماان ت كاان اوضااارة أعجبتااه فااأي أناااس باديااةل ترانااا ( 1 ) ابن منظور، لسان العرب ج ، 1 ص 461 . ( 2 ) مد،  ، المبرد الكامل في اللغة والأدب والنحو والتصريف ، (مكتبة نهضاة مصار، القاهرة، 4864 ص ، ) 47 . يقول الشاعر : من أعجبه رجال اوضر * ن  فأي رجال بدو ! أي يريد مدح رجال البدو. ويضيف ً ساخر ً ا من رجال اوضر أنهم يربطون اومير ويقتنونها ويكون عيشهم منها بينما رجال ً البادية أربا الغزو، وآجتنا (قن ً ً ا سلب ً ً ا) أي رماح ً طوا ا ً ج ً ، وخي ً لا ً عناق. يقول:  طويلة ا كانت هذه اديل إذا أغارت على ما حولها من القبائل بددت شملها، وخوفت آمناها، أعوزها وصارت تأخذ حذرها، وتتقيها بالبعد عنها؛ ح النهب حيث كان الناهب، ً لمعاودتهم الغارة وقت ً ا بعد وقتل، وإدامتهم إياها، وإواحهم بها. وهذه اديل تغير علاى ل ن من قدر له القادر  ، "الضبا " أي على أقاربهم وعلى اولات النازلة حولهم وفيهم : فقد أدركه. والمع إ إذا أعوزهم ا نهم جعتيادهم الغارة ج يصبرون عنها، ح باعاد  قار ، وأكد ذلك بقوله:  عطفوا على ا ً وأحيان ً ا على بكر أخينا * د إج أخانا. إذا ما لم عر ف ابن منظور الج بأنه ار

10

وم ان رب ا الجح ااش ف اإن فينااا اا ً قن ً ً ا ساالب ً اا ً ا وأفراس ً ا حسااانا وكاان إذا أغاارن علااى جنااا حيااث كانااا ٌ وأعااوزهن نهااب أغارن مان الضابا علاى حلااول وضاابة إنااه ماان حااان حانااا اا ً وأحيان ً ا علااى بكاار أخينااا اااد إج أخاناااا إذا ماااا لم

ترى أن من حقها  ج ترحم، وال  جواء اوربية القاسية ال  ظل هذه ا  و ذلك المجتماع إج أن  أن تأسر الضعيف وتتلكه، لم يكن أمام الضعفاء وادلعاء قوياء القادرين  يطلبوا اوماية والرعاية من ا على توفيرها لهم ؛ فنشأ مبدأ الجوار. المفاخرة بينهم ؛ نه يدل على قوة القبيلة وعزتها. وقد تداخل هذا العارف ماع   بات من أبرز شيمهم وعاداتهم الا النسيا اججتماعي والقبلي عند العر ح والنفيس من أجلها.  رصون عليها أشد اورص، بل ويضحون بالغا  ومما ساعد على ترسي هذا المبدأ عندهم أن العر باي حر بطبعاه وطبيعاة

ً وقد أخذ هذا العرف أبعاد ً  حياة العر وعد  ا كبيرة  وه من أكبر أسابا

ه وبيئته، يتميز بإغاثة الملهوف وحماية الضعيف ، ً وكان العر ج ينكرون شيئ ً ا مثل إنكارهم للهوان والضيم، فهما السوأة الكبرى والمثلبة العظمى ؛ إذ يعنيان الذل ُ وأن القبيلة است ُ بيحت فلم تعد تستطيع الدفاع عن كرامتها. وكان أقل شعور باه يثيرهم ويشعل اورو ( 1 ) . وقد كان ح ً ق منح الجوار حكر ً ا على الصرحاء من القبيلة دون غيرهم. و  عد ُ ي  ُ من أبرز حقوقهم وأخطرها ؛ ُ نه ي  ُ ً القبيلة أفراد  دخل ً ُ ا ليسوا منها في ُ ل ِ ح ِ قهم بهاا ُ وي ُ َ ح َ ِّ م ِّ القبيلة أجار رج  لها تبعاتهم، فكل حر ً لا ً آخر من قبيلة أخرى أو من قبيلته ( 1 ) ضيف، شوقي، تاريخ الأدب العر ببب،، (دار المعاارف، القااهرة، 4840 ج ، ) 4 ، ص 48 .

حيات

11

يتعين على القبيلة أن تقر بذلك وتدافع عنه وتنع أن يصل إليه أي ضرر ولاو أدى فقد المال والعرض واوياة ونشو اورو . ولذا كان الناس يعرفاون ذلك إ مل التبعات  يرون إج إذا كانوا قادرين على أقدارهم فلا ، وهذا ما سنجد أمثلة الصفحات القادمة.  له كان منع الجار وحمايت ه مدعاة للفخر والمديح عند العر ؛ فيقولون : فالان منيع الجار حامي الذمار. بل لقد عدوا الجار بمثاباة الصاهر لهام ؛ فعان ابان عرا  ا باي: : يقال ُ مراء بهذه الصفة  وكان الشعراء يمدحون القبائل وا ؛ فقد مدح مروان بن أ بااي شيبان بمنعهم لمن استجار بهم، فقال  حفصة معن بن زائدة، ووصف مفاخر ب ( 2 ) : هم القوم إن قالوا أصاابوا وإن دعاوا أجابوا وإن أعطاوا أطاابوا وأجزلاوا كأنمااا ه ام يمنع اون الج اار حاا ِ ل ِ اا َ ج َ اا ِّ ارهم ب اين الس ِّ ماكين مناازل وعندما قدم النعمان بن المنذر على كسرى وعنده وفاود الاروم والهناد والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم، افتخر النعمان بالعر وفضلهم على جميع مم، ومما قاله:  ا إ ن أحدهم ليبلغه أن رج ً 1 . الفخر بإعطاء الج وار

ُ ن صهن ً ر بنا إذا كان متحرم ً ا منا بتزويا أو نسب أو جاوار ( 1 ) .

م

لا ً ً استجار به، وعسى أن يكون نائي ً ا عن ُ داره، في ُ ُ ي صا ، فلا يرضى ح ُ تلك القبيلة ا  ف ِ قبيلتاه، ل أصابته أو تف  ل ِ ماا ُ خ ُ ِ ف ِ ر من جواره. وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة وج قرابة، فتكاون أنفسهم دون نفسه، وأموالهم دون ماله ( 3 ) . ( 1 ) مود،  ، شري  الز أساس البلاغة ، (دار صادر، بيروت، 4878 ص ، ) 349 . ( 2 ) ندلسي،  ا العقد الفريد ج ، 4 ص ، 433 . السماكين هي تسمية لبع النجوم عند العر . ويريد الشاعر أن يقول : إن الجار كان له منزلة رفيعة جد د ا عن وم السماء. هؤجء القوم تطاول ( 3 ) المرجع السابق، ج ٣ ص ٦٩ .

11

ثم قام قيس بن عاصم فقال: لقد علم هؤجء أن ُ ا أرفع ُ المكرمات دعائم،  هم النائبات مقاوم، قالوا: ولم  وأثبتهم يا ذاك ا ن  : سعد قال  أخا ب ُ ا أمانع ُ هم ُ للجار، وأدرك ُ هم للثأر، وأن ُ ا ج ننكل إذا حملنا، وج ن ُ رام إذا حللنا، ثم قام شاعرهم فقال: وأن كال ماأزق  ا لياوث النااس إذا اجتز باالبي الجمااجم والطلاى ااا وأن ا إذا داع دعانا اا لنجا ادة العالا ثم مان  أجبنا سراعا دعاا ( 1 ) بعد رحيله عنهم، كما قال عمير بن بل كانوا يفاخرون بإكرام جارهم ح يهم التغلب  ا ي ا ( 2 ) : ااا َ ااا مااا دام فين َ جارن ُ ونكاارم َ حيااث ماااج َ الكرامااة ُ ونتبعااه خلاق  فإكرامهم للجار، ما دام فيهم، من ا الجميلة الموصوفة، وإتباعهم إياه الجميل.  الكرامة، حيث كان، من المبالغة

وقالت امرأة من إياد تدح ابن عمرو ( 3 ) : اديل تعلم ياوم الاروع إذا هزمات

ميهاا  أن ابن عمرو لادى الهيجااء

صفها ،  ا  الأغا 406 . يفاخر الشاعر بأن قومه يكونون سود وقت  كا اور خاصة عندما تقطع البي أي السيوف جماجم الناس والطلى أي رقابهم ، 47

)

( 1

ص ،

ج ،

وأنهم

إذا دعاهم داع لنجدة أجابوه مسرعين.

( 2 ) ابن جعفر، قدامة، نقد الشعر ، (دار الكتب العلمية، بيروت،

.

د. ت)، ص

36

ماسة  شرح ديوان ا

. باديل الفرسان  تع الذين إن تيقنوا أنه إذا

) المرزوقي،

( 3

ص ،

661

يوم حر ، ج يدفع عنهم وج يذ دونهم إج ابن  اتفق عليهم كسر، وأثر فيهم ردع سن الوفاء فيما يعقد للجار من ذمة، ويعطيه من عهد وموثقاة  عمرو. كما تصفه ؛ ً اف غدر  ج ٌ فتقول: جاره آمن ً ٌ ً ا وج مكر ً ا وإن نزلت به أمور خارجة من الجوار فهو يقوم بها ويتكفل بالكفاية فيها.

14

ً أبااد ً ج يرهاب الجاار مناه غادرة ً ا فهااو كافيهااا ٌ وإن ألماات أمااور بل إنه من شدة إكرامهم للجار فقد كان يشعر بنفسه أنه واحد من صاميم القبيلة، ح إ ً نسب القبيلة ويصبح واحد  ن نسب هذا الجار يذو ً ا مناهم ( 1 ) ؛ شيبان  يقول يزيد بن حمان السكو يمدح ب ( 2 ) : المحاال أنهاام  وماان تكاارمهم ج يعل ام الجاار ف ايهم أن اه الجااار ً يكاون عزياز حا ً ا مان نفوسااهم اا ً أو أن ياابين جميع ً تااار  ا وهااو وأكثر من ذلك كانوا الوقت نفسه  يغضون بصرهم عن عيو جارهم، و هذا يقول الشاعر قيس بن عاصم المنقاري  يكونون متنبهين واجاته، و وهاو يفتخر بقبيلته ويصفها ( 3 ) : ج يفطنا اون لعيا اب جا اارهم وهاام وفااا جااواره فطاان رواية  و أخرى ( 4 ) : ج يفطنا اون لعيا اب جا اارهم وهاام وساان حديثااه فطاان إ أي سنون اجستماع إليه  نهم يغضون عيونهم عن أخطاء جارهم، و أثنااء ُ هذا إشارة قوية أن العر لم يكونوا ي  حديثه معهم. و ُ ْ ع ْ َ ن َ ْ و ْ ن بساد اواجاات ( 1 ) ابن خلدون، المقدمة ص ، 60 . ( 2 ) المرزوقي، ماسة  شرح ديوان ا ص ، 80 . لون جارهم  يقول: من تكلفهم الكرم أنهم  اف والإحسان إليه  من العناية به واج ً لا ً نفسه: هل هو جارهم  يتشكك من بعد أم من صميمهم ً أن يكون عزيز أي يعاملونه بهذه المعاملة إ ً ا فيما بين ظهارانيهم أو تار مفارقتهم.  ( 3 ) ، إسماعيل،  القا  الأما ، فق، بيروت،  (دار ا 4890 ص ، ) 441 . ( 4 ) المرزبا ، معجم الشعراء، ص 41 .

15

ارح أو أن المادية للجار فق ، بل والمحافظة على شعوره وحالته النفسية من أن يشعر ب ليشعر أنه أنه غريب ذليل مكسور اداطر. فهم يعاملونه أحسن معاملة ح سنون اجساتماع  من أقر أقربائهم، ويغضون أبصارهم عن أخطائه وزجته، و إليه، فلا يشعر بغربة أو بعد عن أهله وموطن ه. ماي  شمل الوحش والهوام، وكان فيهم من الجوار ح  العر وقد غا ير الجراد جواره فسمي  الجراد إذا نزل ( 1 ) ، وهو مد بن سويد الطائي ؛

حيث

خيمته فإذا هو بقوم من طيء ومعهم أوعيتهم فقال: ما خطبكم  خلا ذات يوم قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه. فركب ه  فرسه، وأخذ ر ، وقال: والله ج جواري ثم تريدون أخذه! فلام  يعرضن له أحد منكم إج قتلته، إنكم رأيتموه او  حميت عليه الشمس وطار. فقال: شأنكم الآن فقد رسه ح  يزل ل عان جواري ( 2 ) ُ . ثم أصبح ي ُ َ ضر َ به المثل فيقال: " ير الجراد أحمى من " ( 3 ) ، و كانات صور المغاجة ُ هذه ت ُ  عد  ً نوع ً أرض هذه  ا من العزة والمنعة فإذا كان الجراد ج يصاد القبيلة فكيف بمن يستجير بها ! أن يمس هذه القبيلة  بل دع عنك أن يفكر إنسان أو أحد أفرادها بسوء. ً لقد كان الجوار تعبير ً ليضاحي ا عن نوع من الفروسية والمروءة النبيلة ح الإنسان بروحه من أجل حم اية ظعينة (غزال) تر بأرض القبيلاة ، ومان هاؤجء ُ ربيعة بن مكدم الكنا الذي ل ُ  ق  ب بمجير الظعن ؛ حيث لقي نبيشة ابان حبياب ً السلمي وقد خرج غازي ً كنانة فمانعه فطعناه نبيشاة  ا، فأراد احتواء ظعن من ب ا ً اطب  عضده، ثم هجم على القوم فأبعدهم عن الظعن، وقاال  ً ا الظعان: إ ميت وسأحميكن ً ميت ً ا كما حميتكن حي ؛ ا فالنجاء. فوقاف باإزاء القاوم علاى ً فرسه متكئ ً جمون عان الإ  ه ونزف دمه فمات، والقوم  ا على ر قادام علياه، فلما طال وقوفه رموا فرسه فوقع على وجهه، وطلبوا الظعن فلم يلحقاوهن ( 4 ) ، ( 1 ) ندلسي،  ا العقد الفريد ج ، 4 ص ، 433 . ( 2 ) شري، جار الله،  الز المستقصى في أمثال العرب ، (دار الكتاب العلمياة، بايروت، 4897 ، ط ) 3 ص ، 30 . ( 3 ) الميدا ، مع الأمثال ص ، 84 . ( 4 ) العسكري، جمهرة الأمثال ص ، 88 .

16

ير أحمى من الظعن " ( 1 ) .

َ به المثل فيقال: "

ُ ُ َ

ثم أصبح ي ضر

 ومن القصص المشهورة بالوفاء للجار وال امرؤ القيس بن حجر قد أودع السموأل بن عاديا ء ً ؛ فأتاه اوارث بن ظالم، ويقال: اوارث بن أ باي شمر الغسا ، ليأخذها منه؛ فتحصن منه السموأل؛ ً ً قصة السموأل فقد ، ا ً

سارت مث لا

دروع

كان

ً فأخذ ابن ً ً ا له غلام ً ا وناداه: إما  أن تسل  م الدروع ُ وإما قتلات ُ ابناك؛ فقاال لاه ُ ، وج أ  السموأل: شأنك به، فلست أخفر ذم ُ ِ سل ِ م مال جاري. فضر اواارث ذلك أنشد السموأل  وس الغلام بالسيف فقطعه اثنين، والسموأل ينظر إليه. و أبياته الشهيرة ( 2 ) : ُ وفيا ات ُ با اأدرع الكنا ادي إ إذا مااا خااان أقااوام وفياات و  أبيات أخرى ي اذه قراره بالمحافظاة علاى دروع جااره  صور وظة ا سبيل ذلك  والتضحية بابنه ( 3 ) : َ ف َ اا َ ش َ ك َ غ اير َ طوي ال ثم ق اال ل اه اقتاال أساايرك إ مااانع جاااري أي فك مر قلي  ا  ر ً لا ً ثم قال له : اقتل أسيرك إ سأحافا على مال جار . ي ثم أصبح يضر به المثل لوفائه فيقال : " من السموأل أو " ( 4 ) . إشارة  ، صص لكل من يطلب الجوار  بناء مكان وذهب بع العر إ تتمتع بها القبيلة  العزة والمنعة ال إ ؛ بنو عبد المدان اوارثي فقد ب و ن قبة من أدم سموها الكعبة ، ُ وكان إذا نزل بها مستجير أ ُ ُ جير، أو خائف أ ُ ِّ م ِّ ن، أو طالب حاجاة ُ ق ُ ضيت، ُ أو مسترفد أ ُ عطي ما يريده ( 5 ) آل . كما ب " لم بن ذهل  ،" وهم أشراف ( 1 الآ ) باي، منصور، نثر الدرر في المحاضرات ، (الهيئة المصرية العامة للكتا ، القااهرة، 4898 ص ، ) 169 . ( 2 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 4 ص ، 443 . ( 3 ) ثير، علي،  ابن ا الكامل في التاريخ ، زهرية، القاهرة،  (المطبعة ا 4991 ص ، ) 478 . ( 4 ) الميدا ، مع الأمثال ص ، 168 . ( 5 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 44 ص ، 193 .

17

إليهاا

ب ُ يقال لها ق  الجاهلية، قبة بوادي عوف وهي ال  ُ ااذة َ ع َ ة الم َ َ ؛ ْ ان َ م ْ َ

لجاأ

أعاذوه ( 1 ) .

عشى قائ  تفاخر ا نفس هذا المع  و ً ً ( 2 ) : لنا هضابة ج ينازل الاذل وساطها

لا

وي اأوي إليه اا المس اتجير فيعصااما الذي ج تطوله الطياور  كما تفاخر راشد بن شها اليشكري ببنيانه العا ُ والذي يفوق مبا إرم المعروفة بقوتها وضخامتها وقد أ ُ ِ ع ِ د للمستجيرين ، ولكل من يطلب حاجة ( 3 ) : اد بنيات بثااج ً ج ً مان حجاارة ْ ام َ غ َ ر ْ غامن مان َ ا علاى ر ز ِ جعله ع  ْ َ ا َ او ُ ط م َ ش َ أ َ ُ َ َ ً ج ً يادح الطاير دوناه ْ م َ اا أع ادت ل اه إنر ل اه جن ادل مم ْ جير مان الاردى َ ات ْ س ُ ويأوي إلياه الم َ ْ م َ اد َ ي مان الع ِ ع َ ات ْ س ُ ويأوي إلياه الم ْ َ ذم عدم منع الجار والفخر بمنح الجوار لمن طلبه، فإن عدم منع الجار كان  مقابل هذا التغ  و ً سبب ً ا للمذمة والهجاء ؛ فعندما أراد اوطيئة أن يهجو الرجل الذي تزوج أمه، كاان مي جارهم  أبرز ما قاله فيه أنه من قبيلة ج ( 4 ) : قاابح الإلااه قبيلااة لم يمنعااوا ياوم المجيماار جاارهم مان فقعااس ( 1 ) مد،  ، ابن دريد الاشتقاق ، (مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 4869 ص ، ) 441 . ( 2 ) ، عثمان،  ابن ج صائص  ا ، (دار الكتب المصرية، القاهرة، 4841 ص ، ) 443 . ( 3 الض ) باي، المفضل، المفضليات ، (دار المعارف، القاهرة، د. ت)، ط 4 ص ، 64 . ( 4 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 3 ص ، 416 . ا أسد  لمجيمر: جبل معروف، فقعس: حي من ب .

18

أسد بن خزيمة ابن حسان بعدم حماية الجاار بال  وهجا أبو واسع من ب وخوف الجار من غدرهم به فقال ؛ ( 1 ) : اال  وم اا للج اار ح اين ف ايكم ل اديكم ي اا النج اار حااام  ب ا اا ً يظاال الجااار مفترش ا يديااه ااافتكم لاادى ملااث الظاالام  من خلال هذا اجستعراض يتبين لنا أن قضية الجوار كانت مرتبطة بشاكل فر ذمتاه،  إنه ليضحي بنفسه وولده من أجل أج كبير بعزة الفرد وكرامته ح اره. وإضافة إ ذى  وج يلحق ا مر تعدى ذلك ليرتاب  البعد الشخصي فإن ا تلك البيئاة بالغاة  بمفهوم العزة والمنعة والمكانة اججتماعية والسياسية للقبيلة ج تنفك عن الغزو والقتال، إما مهاجمة أو مدافعة. و  القسوة، وال

من ثم فإن مدى

ال  مدى قوتها إ دفاع عن نفساها

قدرة القبيلة على حماية من يستجير بها وأفرادها، وكذلك الم ا كانة لسياسية ل

يشير

يطها.   لقبيلة

2 . أسباب طلب الجوار

كانت تدفع الفرد أو المجموعة  سبا ال  تعددت ا ل طلاب جاوار أحاد الغالب كانت تدور حول موضوع اوماية، لكان  شخاص أو القبائل. وهي  ا شخاص لطلب الجوار  وجدت حاجت أخرى دفعت با سبا إنسانية وهو ماا  ُ ي ُ عرف اليوم باللجوء الإنسا ، منها ما يلي: - الجوار من القحط والجوع: ً كان الفقر والقح وضيق العيش سبب ً بع اوااجت،  فراد  هلاك ا  ا َ ف وت وخاصة عندما يهلك الضرع و َ ْ م ْ َ ح َ رض  ل ا ؛ فيضطر المرء ل طلب جاوار إحدى القبائل لتعينه على العيش. وم ثال ذلك اوطيئة، الشاعر المعروف، ف حين ألم ( 1 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 46 ص ، 441 .

19

مقلد بن يربوع، فأجاروه خشية من هجائاه  به الجوع وضيق ذات اليد، نزل بب من لسانه اواد ٌ إياهم إن رفضوا، فقد كان ج يسلم أحد ٌ ؛ ا ً فلم يزل مقيم ً ا فايهم ل وهو يقول  لت عنه السنة، فار ا ح ( 1 ) : جاااورت آل مقلاادل فحماادتهم ل ُ إذ ليس كال أخاي جاوار ي ُ حماد

فصل الشتاء حيث تشتد اواجة، فإذا انقضى  وكان بعضهم يطلب الجوار دياره ومنازل قومه، وكان على الجار أن يكرمه ويقضاي الشتاء رحل عنهم إ هذا قال الشاعر المعروف زهير بن أ  حوائجه ويصون ماله، و باي ( 2 ) :

سلمى

وجااار َ ً معتمااد ً ا إلينااا أجاءتاااه المخافاااة والرجااااء َ فجاااور مكر َ اا ً م ً إذا مااا ا حاا دع ااه الض ايف وانقط اع الشااتاء ضاامن ااا ً ا مالااه وغاادا جميع ً ا علينااا نقصااه ولااه النماااء - الجوار من الهجاء: ً وقد عرف العر نوع ً ا آخر من أنواع الجوار وهو الجوار من الهجاء والذم تلك  الشعري. وقد كان الشعر يام من أقوى وسائل الإعالام  ا ؛ إذ فظاه  المناطق القاصية. ومن أمثلة ذلك أنه الناس ويتناقلونه بينهم وتسير به الركبان إ ُ جعفر بن كلا خافت امرأة منهم أن ي  لما هجا الفرزدق ب ُ ِّ سام ِّ يها ويساب ها فاستجارت بقبر أبيه ، غالب بن صعصعة ، ا ً فأجارها الفرزدق ولم يذكر لها اسم ا ً وج نسب ً ا ( 3 ) . ( 1 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 3 ص ، 476 . ( 2 ) المرزوقي، ماسة  شرح ديوان ا ص ، 80 . ( 3 ) المبرد، الكامل في اللغة ص ، 414 . َ سااار

41

- الجوار من الريح: تعيناهم  وهو أن يطلب فرد أو قبيلة معونة من قبيلة قوية لتوفير الوسائل ال ظلها  يون   وتصد عنهم قسوة الظروف المناخية ال ؛ جار  فقد استجار قوم بن مهلهل من الريح فأجارهم وب ً ً ا من اوجر والجص ونصاب علاى

لهم سور

دم ولم يدع الريح تهب عليهم  سرادقات من ا ( 1 ) .

السور

- الجوار لطلب الثأر: ً نفسه ضعف  د رج المرء لطلب ثأر من قبيلة أخرى و  وهو أن ً ا عان أن يأخذ بثأره ميه ح  جوار أحد يبلغ غايته، فيلجأ إ ؛ فعندما قتل بناو أساد ُ ح ُ ْ ج ْ ً ر ً ا الكندي صم خذ بثأر  م ابنه امرؤ القيس على ا بكر  والده، فاستجار بقبيل وتغلب فوافقوه بداية ثم انفضوا عنه ؛ اليمن يستنصر أزد فخرج إ شنوءة، فاأبوا أن ينصروه ، وقالوا: إخواننا وجيراننا ، ِ ثم استجار بمرثد اداير او ِ ْ م ْ ا َ ي َ ري فأماد ه مسمائة رجل من حمير  ، ثم طلبه المنذر ووج طلبه ولم تكن جمارئ  ه الجيوش القي يش من عنده فتفرقت حمير ومان س به طاقة، خاصة بعد أن أمده أنوشروان كان معه عنه ( 2 ) . ً وقد يعتبر هذا نوع ً سبا سياسية  ا من الجوار ؛ إذ َ كان حجر الكندي م َ ِ ل ِ ً ك ً ا حين قتل، ومن ثم فإن سعي ابنه ل ل لثأر  ث َ م ُ ي ُ ً نوع ً بيه وأخاذ  ا من استرداد الكرامة مكانه إن انتصر على أعدائه. الجوار - لحماية القوافل التجارية: ِّ َ ن َ ؛ ها له فقد كان النعمان بن المنذر ، ملك اويرة ، يبعث كل سنة قواف له ُ سوق المواسم، وكانت قوافله إذا دخلت تهامة لم ت  لتوا ُ َ هاج َ عدا النعمان م، ح ( 1 ) اور، يوسف، ابن جاز  صفة بلاد اليمن ومكة وبعض ا ، (بريل، ليادن، 4861 ) ، ص 91 . ( 2 ) صفها ،  ا  الأغا ج ، 33 ص ، 97 - 80 . وهذا النوع من الجوار كان للمال وليس لصاحبه، كأن يكون صاحب المال ارته تر من مكان غير آمن فيضطر لطلب جوار قبيلة تناع مكان آمن ولكن  ُ ارته وت ُ َ َ ِّ ؤ م

40

ي بتهاماة  بلعاء بن قيس فقتله، فجعل بلعاء بن قيس يتعرض لقوافله ال فينهبها، وقد فعل ذلك بها مرتين، فأخذ النعمان يطلب من وفود العار علاى يروا قوافله اويرة أن ( 1 ) . كانت تدفع الشخص للبحاث عان  سبا ال  بشكل عام أن ا معظمها، كادوف على النفس مان انتقاام  الجاهلية أسبا إنسانية  الجوار

على أخ

والملاحا

ً القبيلة أو ادوف من العيش منفرد ً ا أو عدم الرضا بالبقاء مع القبيلة، أو البحث عن ً ذلك. ورغم ذلك كانت أحيان الطعام والشرا وما إ ً ا توجد أ سابا أخارى ً لطلب الجوار ويمكننا أن نعدها أسباب ً ا سياسية أو قصة امرئ  اقتصادية كما رأينا

القيس أو قصة النعمان بن المنذر وحماية قوافله. وقد ت كون غلبة العامل الإنساا جاهليتهم لم يكن هناك الكاثير مان  على العامل السياسي بسبب أن العر تشغل  الشؤون السياسية ال ف هم، ُ ت ُ ِّ ِّ ب لبعضهم المطاردة وتدفعه للاهرو ، صاحراء منعزلاة عان  كانت حياتهم أبس من ذلك بكثير، كونهم يعيشون ذلك الوقت  الصراع بين القوى السياسية الكبرى : فارس والروم.

بال

سب

3 . طرق عقد الجوار

ُ إذا جاز لنا أن نطلق تسمية العقد على هذه العلاقة الع ُ رفية فإن الجوار كاان ُ يتم بالطلب الصريح والإجابة، أو بإتيان عمل ي ُ فهم منه قيام هذه الرابطة، فالمؤاكلة هاذا  اورتها يقيم رابطة الجوار. وقد توسعوا ودخول البيت ولمس اديمة أو ً البا كثير ً  فعال ال  فراد وعزتهم ومنعتهم. وفيما يلي أبرز ا  ا للدجلة على قوة ا

كان يأتي بها الجار ليطلب الجوار: - عقد زمام الناقة بوتد الخيمة :  خرج رجل من العر

ا ً رم القتال) طالب  الشهر اورام (حيث ً ا حاجاة،

 فدخل لا ً ً يستجير به، فوجد صابيان ً ا يلعبون، فقال لهم: من سيد هذا اوواء فقال غلام منهم: أ باي، قال: ومن أبوك ( 1 ) مد،  ، ابن حبيب المنمق في أخبار قريش ، (عالم الكتب، بيروت، 4896 ص ، ) 16 . وز القتال فيها) فطلب رج اول (حيث ً

41

Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200

Made with FlippingBook Online newsletter