135 |
ويكشــف لنا التوتر الدلالي عن الســياق غير المتوقع لاستخدام الكلمات والتعابير. في هذه الحالة فإن استخدام الكلمات لا يكون حقيقيّا ولكن يكون مجازيّا. وتعتبر أعمال جورج لاكوف ومارك جونســون إســهامًا مهمّا فــي تطوير النظر إلى الاســتعارة كإطار شــامل للوساطة بين التصورات والوقائع والثقافة. ويتمثّل الإسهام الأساســي للاستعارة المفاهيمية التي اقترحها لاكوف وجونسون في تجاوز المفهوم البلاغي القديم حول الاستعارة، بوصفها مجرد أداة لغوية، إلى اعتبارها أداة إدراكية لفهــم التصورات والمفاهيم والواقع؛ حيث تُعَدّ الاســتعارة المفاهيمية عند لاكوف ظاهرة إدراكية في المقام الأول وليست فقط ظاهرة لغوية، وتنتج الاستعارة بالربط بين .) 9 مجالين، الأول مُجَسّد؛ وهو مجال المصدر، والثاني مُجَرّد؛ وهو مجال الهدف( وتُعرّف الاســتعارة المفاهيمية بأنها سلســلة نســقية من التناظرات أو الروابط عبر مجالات مفاهيمية يتم بواسطتها تأسيس مجال هدف (مثل معارفنا المتعلقة بالجدال) علــى نحــو جزئي بمفردات مجال مصدر مختلف (مثــل معارفنا المتعلقة بالحرب) )، أي إن الاســتعارة المفاهيميــة تقوم في الأســاس على التناســب بين مجال 10 ( المصدر ومجال الهدف. ويكمن غرض الاســتعارة المفاهيمية الأساسي في محاولة إدراك مفهوم جديد وغير مألوف بواســطة مفهــوم آخر قديم ومألوف للوصول إلى فهم أسهل وأسرع للمفاهيم وللواقع. وتعتبر الاســتعارة أداة إدراكية ولغوية مهمة لتَمْثِيل المفاهيم والمشــاكل. فإذا اتبعنا )، يمكن القول: Van Dijk )( 11 منهجيــة التحليل الاجتماعي الإدراكي لفــان دايك ( إن الاســتعارات تقــوم بــدور مهم في تشــكيل بنية الخطــاب والمجتمع على حد ســواء؛ حيث تعمل على تكوين مزاج عام وتصورات مشــتركة عندما تصبح جزءًا مــن مكونــات الذاكرة الكبيرة طويلة المدى، وبهذا تصبح نموذجًا إدراكيّا جاهزًا يتم استدعاؤه واستخدامه عند كل استخدام جديد في الواقع يتطابق مع النموذج المتصوّر في الذاكرة. وتعمل الاســتعارات دائمًا على خلق ســيناريوهات في الذهن؛ حيث تُنشِئ فراغات ). وتكون 12 فــي ذهن المخاطب يملؤها بالاســتعانة بمعارفه وإدراكاته الشــخصية( الاستعارات فعّالة عندما يستدعي مجال المصدر إلى الذهن شعورًا ما أو بنية معرفية بارزة، وأيضًا عندما تكون هذه المعرفة معروفة جيدًا للمتحدثين في المجتمع اللغوي المحدد الذي يُنْتِج ويســتهلك الاســتعارة، وكذلك تكون المقارنة بين مجال الهدف
Made with FlippingBook Online newsletter