العدد 9 - فبراير/شباط 2021

| 182

مقدمة تضافــرت عوامل عدّة حملت على ميــ د تجربة الصحافة الناطقة باللغة العربية في جمهورية جنوب السودان، فبعد إجراء استفتاء تقرير المصير لمواطني الجنوب، في ، والذي جاءت نتيجته لصالح قيام دولتهم المستقلة، كانت 2011 يناير/كانون الثاني هناك حاجة ماسّــة لإيجاد صحافة مستقلة في البلاد تقوم مقام الصحف العربية التي كانــت تأتي من الخرطــوم بوصفها العاصمة الجامعة قبل الانفصال بجانب أخريات كانت تُطبع في كمبالا ونيروبي بعد أن شــكّل عدم وجود المطابع عقبة كأداء أمام صناعة الصحافة المحلية آنذاك. لذا، شــهدت الفترة التي أعقبت الاســتفتاء وإعلان ميلاد الدولة الجديدة نشــاطًا ملحوظًا لعدد من الصحف اليومية والأســبوعية التي صدرت للمرة الأولى من عاصمة الدولة الجديدة (جوبا). كان طبيعيّا أن تقوم تلك الصحف بسدّ فراغ عريض نتج عن تداعيات الواقع الجديد الذي قضى بانشــطار السودان. وبالرغم من التحديات البنيوية والمهنية التي واجهت الصحافة الناطقة بالعربية عشــية ولادتها في الدولة الجديدة، فإنها اســتطاعت القيام ،) 1 بدورها الطبيعي في تنمية الوعي لدى جمهور القرّاء بمختلف ميولهم واتجاهاتهم( وكذلك تزويد الناس بالأخبار والمعلومات والحقائق، وتوثيق الأحداث، ونشر الثقافة والمعرفة، وتكوين الرأي العام، وممارسة النقد في الشأن العام...إلخ. كما واجهت تلك التجربة تحديًا آخر تمثّل في التصدي للبروباغاندا والدعاية السلبية، والحرب الشــعواء التي كانت تشنّها بعض وسائل الإعلام في السودان، الدولة الأم، بدعم مباشر من السلطة الحاكمة وفقًا لاستراتيجيتها المبنية على ترسيخ فكرة معلولة عن جمهورية جنوب الســودان، وقد نجحت إلــى حدّ بعيد في تكوين صورة زائفة وغير واقعية عن البلاد على الصعيدين، الداخلي والخارجي، وأســهم في رســوخها غياب صحافة محلية فاعلة، وكذلك ضعفها وعدم قدرتها على مجاراة نسق الصحافة السودانية المتمرسة. ويحاول الباحث من خلال مقاربة تجربة الصحافة العربية في جنوب الســودان على صعيد الممارســة والتطبيق والرؤى المســتقبلية، الإجابة على عدة تســاؤلات يمكن إجمالها في الحقل الاستفهامي الآتي: - ما الخلفية التاريخية لمراحل نشأة وتأسيس الصحافة العربية بجنوب السودان؟

Made with FlippingBook Online newsletter