171 |
[...] إن ما يميز النظام الدستوري المغربي خلفًا للمواقف التي تكون فيها الشرعية الدينيــة لرئيس الدولة هي الطبيعة الفائقة لتحديد معيارية الإســام كمرجع قانوني، يميــل الدور التنفيذي لرئيس الدولة كثيرًا نحو التحكيم، في حين أن دوره كســلطة ). فبدً من توسيع النطاق المؤسسي 46 دينية عليا ســيُمارَس بطريقة قوية وشــاملة( للشــريعة، أبدع النظام الملكي وفق استراتيجية دســتورية في تصوير نفسه كمحاكاة حديثة للحكم الإسلمي التاريخي من خلل مؤسسة إمارة المؤمنين. . سيطرة الملكية على الدين وآثارها السياسية 3 تقع الملكية في النظام السياســي المغربي بين الله ورســوله من جهة والدستور من جهة أخرى، أي إن الشرعية الدينية للملك متعالية على شرعيته الدستورية. فالدستور ليس ســوى المعراج الذي تتنزّل عبره ســلطة الملك الروحية على المجال الوضعي السياسي؛ إذ الدستور هو الذي ينقل الملك من الحيز الديني بوصفه صاحب رسالة هداية إلى الحيز المدني بوصفه ســائس شؤون الناس؛ ولهذا فالملك الدستوري هو في نهاية المطاف امتداد للعمق الخليفي. ويربط الدستور الإسلم بالملكية من خلل مؤسسة إمارة المؤمنين التي تُقدّم الملك كمرجعية دينية للإسلم تعتبر جماعة المسلمين أنهم مدينون بالولاء السياسي للخليفة الشــرعي للنبــي. فعبر اختلف وتعدد دســاتير البلد ظل الملــك يحوز تلك القوة الاستثنائية التي تخولها له هذه المكانة الروحية. وإذا كان الإســام دين الدولة لا يرتب سوى آثار محدودة جدّا في النظام القانوني، كما رأينا في المحور الســابق؛ فلأن وضعه الدســتوري صُمّــم كأيديولوجية للنظام السياسي، وأداة لتنظيم وإضفاء الشرعية على الوظائف والقرارات الروحية للملك. أ- السلطة الدينية مجال محجوز للملك تُعَــدّ الســلطة الروحية امتيازًا ملكيّــا بمقتضى إمارته للمؤمنين، وإذا كان انتســاب الملك للبيت النبوي الشــريف رافدًا لصفة أمير المؤمنين، فإن هذه الأخيرة تُكتســب بعد تحقق البيعة الشــرعية للملك الســلطان. وهكذا، ليس الدستور المصدر الوحيد لشرعية الملك، بل إنه يستمد شرعيته قبل ذلك من عقد البيعة الذي يتميز عن التعاقد ، " المشــروعية الانتخابية " الاحتفاظ بمســافة واضحة تجاه " الانتخابي، ويمكّنه من
Made with FlippingBook Online newsletter