| 172
.) 47 ( "" مبايعة " ولكنها مؤسسة " منتخبة " فالمؤسسة الملكية ليست مؤسسة وبالرغم من أن البيعة ممارســة دينية إلا أنها لا تخضع لمبدأ الشــورى الإســامي؛ لأنها تأتي بعد ولاية العهد التي تحدد مســبقًا أهلية الاســتخلف، ولذلك فالجواب عن ســؤال جدوى البيعة ما دام الدســتور حسم طريقة انتقال المُلك، يوجد في كون أهميــة البيعة تكمن ليس فقط في المعنــى الذي تتضمنه ولكن على الخصوص في الطريقة التي تتم بها. فعقد البيعة يُتيح للملك التظاهر بالحكم كخليفة حقيقي لرسول الله باعتباره ســبطه، كما يخوّله الظهور بأنه الممثل الوحيد للشــعب المغربي الذي بايعه على السمع والطاعة عبر ممثليه. أما تجديد طقوسها في كل سنة بمناسبة ذكرى اعتلء الملك العرش، فيُراد منه ترميم ولاء النخب للعرش وإشباع الملك بالقدسية والبركــة. وجديــر بالذكر، أن البيعة لا تتوقف عند حدود الرمزية بل يمكنها أن تولّد قرارات سياســية، وخير مثال على ذلك، استناد الملك الراحل، الحسن الثاني، على إقرار محكمة العدل الدولية بوجود روابط البيعة بين سكان الصحراء وملوك المغرب، ليتخذ قرارًا بتنظيم حدث المسيرة الخضراء التي مكّنت المغرب من استكمال وحدته الترابية بإجلء الاستعمار الإسباني من الصحراء. ، 41 إذن، فالإمامة العظمى للملك، الموسومة بإمارة المؤمنين والمُدَسْتَرَة في الفصل تُخوّله الفاعلية المطلقة في صناعة السياسة الدينية، والملك بهذه الصفة لا يدافع عن الدين فحسب، وإنما يمثّل الدين بعبارات تنفيذية. وفي هذا الإطار، لا توجد مساحة للمجتمع للمشــاركة في تشــكيل القرار الديني؛ حيث هذه المشاركة مقيّدة دستوريّا وسياســيّا، ومثبطة اجتماعيّا وثقافيّا. فل يمكن معارضة القرارات الروحية للملك أو حتى مناقشتها رسميّا، ولا تغيير القضايا الدينية ولو بشكل قانوني. فالملك هو الذي يرســم حدود التغيير الديني، وذلك مثلما فعل عندما قرر مراجعة قانون الأســرة سنة . 2003 لا يمكنني بصفتي أميرًا للمؤمنين أن " وإذا كان الملك أعلن بمناسبة هذا الإصلح أنه )، وهو ما يترجم عدم إمكانية توقيع الملك على 48 ( " أُحِلّ ما حرّم الله وأُحرّم ما أَحلّه قوانين القمار والاتجار في المشروبات الكحولية مثلً، فإن هذه المقولة صارت نقطة مرجعية في تأطير حدود النقاش العام حول المســائل الدينية بين مكونات المجتمع المغربي، خاصة في ظل الاستقطاب بين الإسلميين والعلمانيين حول قضايا خلفية تستحضر البُعد الديني من قبيل الإجهاض وعقوبة الإعدام.
Made with FlippingBook Online newsletter