العدد 10 - مايو/أيار 2021

177 |

لكن الدولة لا تكتفي بهذه الوكالة في منع التنافس بين الدين والسياســة، بل تعتمد بشكل كبير على بيروقراطيتها الدينية التي تنفذها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلمية، وذلك من خلل توحيد طريقة طباعة وتلوة القرآن الكريم، والإشراف على التعليم الديني ومراقبة مدى التزام مدارسه بمذهب وعقيدة إسلم الدولة، ومَهْنَنَة مهمة الدعوة الدينية بتكوين رجال ونســاء الوعظ والإرشاد الديني. وفي الوقت الذي تمارس فيه هذه الوزارة، التي تعد من وزارات الســيادة، الســيطرة على بناء المساجد والوصاية على سيرها، وذلك على خلفية مواجهة ظاهرة تسييس المؤسسات والمنظمات الدينية الرسمية وغير الرسمية أو الدعوة لغير الله فيها، نجد أن هذه المساجد أضحت نسبيّا الخطب الدينية التي تُلقى خلل صلة " بيوتًا للدولة إلى جانب كونها بيوتًا لله؛ حيث الجمعة الأسبوعية تكتبها الدولة وعادة ما تغطي مجموعة كاملة من القضايا السياسية .) 67 ( " والاجتماعية والاقتصادية وإلى جانب السيطرة على المجال السياسي، صارت السياسة الدينية انطلقًا من برنامج تأهيل الحقل الديني تسعى إلى محاربة التطرف والإرهاب من خلل استراتيجية الأمن خاصة في بلدان الســاحل التي " الديني، ليس فقط داخل المغرب بل حتى خارجه، تربط المغرب بها علقة تاريخية وروحية. هذا التدخل في الشؤون الدينية في غرب إفريقيا، كما هي الحال في مالي، تمت الموافقة عليه وتشجيعه من قبل القوى الغربية، ). غير أن الأهم في ذلك 68 ( " وخاصة فرنســا والولايات المتحدة، لتعزيز التســامح بالنســبة للمغرب هو توســيع عمقه الإفريقي بغرب القارة في إطار دبلوماســية دينية تستند إلى مكانة الملك محمد السادس كزعيم ديني إقليمي، وهي المكانة التي أشّر .) 69 عليها قبلً اعتراف الزاوية التيجانية في السنغال بملك المغرب كقائد روحي لها( خاتمة يحتل الدين دورًا جوهريّا في البناء الدســتوري المغربي وما يترتب عليه من تأويل وتنزيل للوثيقة الدستورية، لكن مع استبعاد تام لفكرة الدولة الدينية؛ لأن أُسُس الدولة المغربية الحديثة علمانية، حتى وإِنْ كانت تحافظ على جينات الموروث السياســي السلطاني التقليدي؛ حيث يمزج الدستور بين الالتزام الديني ومقومات الدولة المدنية. صحيح أن المغرب ليس دولة دينية ولكنه ليس دولة مدنية تمامًا، حيث يتداخل الدين والدولة عن كثب في الدستور، ويعمل هذا الأخير على حماية الدور الذي يلعبه الدين في الحياة العامة، سياسيّا أكثر منه اجتماعيّا.

Made with FlippingBook Online newsletter