العدد 10 - مايو/أيار 2021

61 |

والجمهــور على الصعيد الأمبريقي، فــإن تناولهما على الصعيد النظري Audience يطرح الكثير من الصعوبات. لــم يحظ مفهوم الجمهور، على ســبيل المثال، بإجماع الباحثيــن لكونه عبارة عن بناء اجتماعي، وموضع خلف نظريات الإعلم والاتصال. فنظريتا القذيفة الســحرية والنقدية مثلً تصفان الجمهور بالســكون والســلبية، وأنه عرضة للتلعب والتضليل، بينما تراه نظرية الاستخدامات والإشباعات نشيطًا، ويتسم بقدرته على تمييز ما ينفعه، ). بمعنى آخر، إن 6 وبكفاءتــه في انتقاء المــواد الإعلمية التي تلبي رغباته وحاجته( عمليــة البنــاء الاجتماعي لجمهور وســائط الإعلم التي قامــت وتقوم بها نظريات الإعلم والاتصال قد أبرزت الجمهور في صور متعددة تعايشــت مع بعضها، نذكر ،) 7 منها: صورة المُصَدّق، والمخدوع والمغفّل، وصورة المُشــكّك والناقد والواعي( وبعضها اعتبرت الجمهور زبونًا وحتى سلعة، وبعضها رآه في صورة المواطن الملتزم بقضايا المجتمع. . في نظرية التلقي 1 اللحظة التي تتشــكّل فيها دلالات النص من قبل " يُعرّف التلقي بشــكل اختزالي بأنه ). ويذهــب البعض إلى أبعد من هذه اللحظــة؛ إذ يَقْرِن التلقي بتجربة 8 ( " الجمهــور ، وتداولها، وتلقّيها، " النصــوص " الجمهــور الاجتماعية التي تُؤَطّرها شــروط إنتاج .) 9 واستخدامها( يبدو التلقي، على ضوء ما تقدم، فعلً ثقافيّا بامتياز، وتنتمي دراسته في مجال علوم ) التي Henz Robert Jauss الإعــام والاتصــال إلى جهود هانس روبرت جــوس ( تمركزت في جامعة كونســتنس الألمانية في ستينات القرن الماضي، والتي اعتمدت مفاهيمها " شــغلت " على الظاهرتية من أجل اســتجلء العلقة بين النص والقارئ، و ). وينتمي أيضًا 10 التأسيســية، مثل: أُفُق التوقع، واندماج الأفقيــن، وجمالية التلقي( ) البريطانية التي سعت إلى دحض فكرة Cultural Studies إلى الدراســات الثقافية ( هيمنة وســائل الإعلم المختلفة على جمهورها وقيادته حيثما تشــاء. وبهذا شكّلت منعطفًا مهمّا في الدراسات الإعلمية؛ إذ نقلتها من التركيز على المُرْسِل والرسالة إلى المتلقي وســياق تلقيه للمواد الإعلمية والثقافية. وحرّرت هذه الدراسات من هيمنة التأثير لتضعها في أفق أرحب يكمن في استقللية الجمهور، وقدرته على التفاوض مع

Made with FlippingBook Online newsletter