العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 64

(. ورغــم المآخــذ التــي نســجلها على التداخل 23 )( Kim Christian Schrøder ) الحاصل في المراحل التي صنفها، إلا أنه لفت النظر إلى أن دراسات التلقي الإعلمي اندرجت في ســياق تطور المجتمعات الغربية تقنيّا وثقافيّا وسياسيّا. فهذه الدراسات لــم تــأت من فراغ، ولم تُجْر تلبيةً لهاجس علمي فقط، بل جاءت اســتجابةً لطلب اجتماعي وتعبيرًا عن هاجس سياسي، مثل الكشف عن مساهمة وسائل الإعلم في تشــكيل الوعي السياســي في مجتمع منقسم إلى طبقات، وتبيان كيف تُسلّح وسائل الإعــام المواطنين ليصبحوا فاعلين سياســيين في الديمقراطية التمثيلية، ودراســة ) في محاولتها للكشف The Culture of Convergence ( " ثقافة المواءمة " تداعيات عن العُدّة الرقمية التي تؤدي إلى تشــكل جمهور وســائل الإعلم النشيط، والدفع به إلى أسمى مستوى من المشاركة السياسية. ووسعت دراسات التلقي في وقتنا الحالي الدائمة الموجودة في كل " المواطنة " الأفق السياســي ذاته، من خلل التأكيد علــى . " الفضاء العمومي الهبرماسي " مكان وكل وقت، مما دفع بالسياسة لتُمارَس خارج

. نقد نظريات التلقي في البيئة التكنولوجية التماثلية 2 تتعدد المداخل لنقد نظريات التلقي، نذكر منها ما يلي:

أ- نظرًا لاستفادة نظرية التلقي الإعلمي والثقافي من إرث جامعة كونستنس الألمانية، فقد نالت نصيبها من النقد الموجه لهذه المدرسة. لقد أُخِذ على هذه المدرسة، التي حرّرت الدراسات الأدبية من النزعة البنيوية والبلغية، تركيزها على المتلقي وخلفياته . فالمتلقي " المصطنع " الاجتماعية والثقافية، ووُصفت بأنها تتســم بطابعها النخبوي و المُهِم بالنســبة لها هو ذاك الذي يســيطر على المدونات اللســانية، والعارف بتاريخ ). وهذه مواصفات تنطبق على بعض النقاد 24 الأدب، والمســتعد للعب لعبة النص( ) نقائص نظرية القراءة Pierre Bourdieu وليس على كل القراء. ويرى بيير بورديو ( )التلقي(، وما تُقِرّه من تأويل، في كونها لا تأخذ بعين الاعتبار كل ما يرتبط بالسياق .) 25 التاريخي والاجتماعي لإنتاج النص( ب- بالفعــل، لا يمكن اختــزال عملية التلقي في لقاء الجمهــور بالمادة الإعلمية والثقافية، بل في احتمال ما ينجم عن هذا اللقاء من تأويل مُنْتِج للمعنى. وهنا تكمن إشــكالية التلقي؛ إذ من الصعب تحديد تخوم هذا التأويل. فالتأويل يُوَلّد تأويلً إلى ما لانهاية. لذا، أقرّ جون فيســك بأن المعنى غير مســتقر؛ لأنه عرضة لإعادة التأويل

Made with FlippingBook Online newsletter