العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 66

عن طباع الجزائريين ومزاجهم الثقافي عبر مشاهدتهم للمسلسل التليفزيوني الأميركي ). لعل هذه الأمثلة تكشف توجه دراسات التلقي إلى فهم الجمهور أو 33 ( " دالاس " من خلل الميديا، والتليفزيون " الجندر " المجتمعــات أو الجماعات الاجتماعيــة أو تحديدًا، بدل فهم الميديا. ولا يمكن لنقد نظرية التلقي مهما بلغت حِدّته أن يُنْكِر مساهمتها البارزة في البحث عــن جمهور وســائل الإعــام على ضوء المقاربة الظاهرتية بعــد أن ظلّ ردحًا من الزمن خاضعًا للمقاربة الوضعية. وأثّرت دراسته على الصعيد المنهجي بعد أن كان مقتصرًا على الدراســات الوصفية كما يجســده مسح الجمهور لتحديد مورفولوجيته السوســيولوجية، وتَكْمِيمه من أجل ضبط ســوق المشــاهدة التليفزيونية في البلدان الديمقراطية. )، وتمار Elihu Katz وتتجلــى قيمة نظرية التلقــي فيما لخصه الباحثان، إليهو كاتز ( قبل بروز نظرية التلقي كان بعضنا يدرس نصوص " )، بالقول: Tamar Liebes ليبيس ( الثقافة الشــعبية، وبعضنــا الآخر يدرس تأثيرها على الجمهــور. فالبعض الأول لم يكــن يعرف أي شــيء عن الجمهــور، والبعض الثاني لا يعلم أي شــيء عن هذه .) 34 ( " النصوص . نظرية التلقي والدراسات الإعلامية في المنطقة العربية 3 تكتســي معرفة كيفية تلقي الجمهور فــي المنطقة العربية لبرامج التليفزيون والإذاعة ) 35 أهمية قصوى. هذا ما يُستشف من الشهادة التي قدّمها الأستاذ الشاذلي الفيتوري( منذ أزيد من نصف قرن؛ إذ ذكر أنه خرج وزملؤه من الجامعة التونســية في الســنة في نزهة في جزيرة جربة التونسية؛ فلحظوا راعي قطيع من الماعز يحمل جهاز 1961 . فاتّجه صوب " انظر، الإذاعة تُعَلّم الشعب " . فاستفزه أحد زملئه بقوله: " ترانزستور " الراعي ليسأله عمّا يستمع في الجهاز. فأجابه فورًا بأنه يستمع إلى أغان بدوية، ثم سأله ثانية: هل تعرف من يحكم تونس؟ فأجاب الراعي: إنه الباي! فاستطرد في السؤال: وهل تعرف من هو الحبيب بورقيبة؟ فجاء ردّ الراعي سريعًا: إنه زعيم سياسي! هكذا، لم تســتطع الإذاعة التونســية، التي تحوّلت إلى جهاز دعاية بعد استقلل تونس، أن تعلّم أبناء الشــعب الفقراء أن بورقيبة أصبح رئيس تونس، وأن الباي قد أُجْبِر على ترك العرش قبل ست سنوات! ولا يستطيع أي شخص أن يُنكِر أن الإذاعة التونسية

Made with FlippingBook Online newsletter