عن تلك الأحداث بســبب ما تعتبره " المســؤولية المعنوية " العدالة والتنمية واتهامه بـ الســلطات المغربية توفيرًا للغطاء الأيديولوجــي للتطرف الديني. بالإضافة إلى ذلك، بلورت ســلطات الرباط اســتراتيجية جديدة في المجال الديني هدفت إلى تأميم هذا المجال وضمه لحظيرة الدولة وتركيز الســلطة الدينية في يد المؤسســات الرســمية. هــذا فضــً عن لجوء الحكومة إلى تنمية المناطق المهمشــة التي تجد فيها التيارات المتطرفة صدى لخطابها بسبب خيبة الأمل والإحباط المنتشر في هذه الأوساط. هذه المقاربة الأمنية الستباقية، المخلّلة طبعًا بسياسات اجتماعية واقتصادية، نجحت نسبيّا في تجنيب المغرب عددًا من العمليات التخريبية، ونجحت في الحيلولة دون أن يجد الجهاديون أرضية خصبة للنشاط والعمل الجهادي داخل المملكة. أما العنصر الثالث فيشمل الظاهرة الجهادية المغربية نفسها من خلال التركيز على سوســيولوجية الجسم الجهادي وممارســاته وكفاءاته ثم أيديولوجيته. فعلى المستوى الذاتي، تتميز الظاهرة الجهادية في المغرب بالنقسامية وعدم توافرها على استراتيجية للصراع. فمنذ البداية تميز الجهاديون المغاربة بالعجز عن تشــكيل هوية أيديولوجية مشتركة تضم كافة الطيف الجهادي ونتج عن غياب النسجام الأيديولوجي أيضًا انقسام تنظيمي، بحيث لم يشكّل الجهاديون المغاربة في يوم من الأيام تنظيمًا مركزيّا بتراتبية واضحة كما هي الحال في دول عربية أخرى، بل بقي طيلة الوقت عبارة عن شــبكة فضفاضــة من الخلايا والمجموعات والأفراد الذين تجمعهم قناعات متطرفة من دون أن يشتركوا في بنية تنظيمية واضحة المعالم. وعلــى خــ ف دول أخرى في العالم العربي مثل مصــر والجزائر، افتقد التيار الجهادي في المغرب الزعامة الكاريزمية التي تســتطيع تجميع شــتات التيار المنقسم على ذاته. ونتيجة لكل هذه الأسباب، لم يمتلك الجهاديون استراتيجية واضحة للصراع وأولويات المواجهة، لســيما بين أولوية اســتهداف العــدو البعيد الوليات المتحدة والغرب أو العدو القريب الأنظمة السياسية العربية، وهو ما أدى إلى إضعافها بشكل ذاتي، قبل أن تزيد المقاربة الأمنية المتشددة من تشرذمهم. وهناك سبب آخر ل يشير إليه الكثير من الباحثين، وهو أن تَشَكّل التيارات الجهادية فــي المغرب منذ البداية كان مرتبطًا بمســاندة التيار الجهادي العالمي ولم يكن -في الغالب- موجهًا نحو مواجهة النظام السياســي في الداخل. فأغلب الرموز المعروفين بشــيوخ تيار السلفية الجهادية كانوا متعاطفين مع أفكار الجهادية العالمية ولكن كانوا
11
Made with FlippingBook Online newsletter