الجهاديون المغاربة

، ودفعاه إلى إيجاد مساحة للتناغم بين العنف والمشاركة في الحتجاجات ((( " للتوازن الســلمية، عبر تبني فكرة التكامل بين العمل المســلح والحتجاجات السلمية اللذين يهدف كلاهما إلى إســقاط الأنظمة القائمة، وهو ما يشــكّل خطوة أولى نحو تحقيق حلم تأسيس الدولة الإسلامية في مرحلة لحقة. بيد أن نظرة فاحصة لتطورات الأحداث تُظهر أن مقولت انتهاء صلاحية التيارات الجهادية بعد مقتل أسامة بن لدن أقرب إلى الأمنيات أكثر منها أمرًا واقعًا. مع ذلك، تجدر الإشــارة إلى أن الربيع العربي وجوّ الحريات الناتجة عنه ليس هو العامل في توفيــر الأجــواء للتيارات الجهادية وإنمــا إحباطاته وعرقلة المســار الديمقراطي هو الــذي وفــر الغطاء لعودة التيارات الجهادية بقوة، وهذا ما حدث في الجزائر من قبل. فالإحباط هو صانع العنف، بينما كان المسار الديمقراطي والربيع العربي فرصة للدفع نحو العتدال. فتحول الثورة السورية والليبية نحو العمل المسلح هو ما منح الحركات الجهادية العابرة للحدود ســاحة تدريب وتعبئة، وفرصة لتوجيهها لمصلحتها وتوسيع . وهو ما سيتم تفصيله لحقًا في هذا الفصل. ((( مجال نفوذها أولً: التكيف الأيديولوجي والتنظيمي أظهر الجهاديون قدرة على التكيف الفكري والعملاني مع الربيع العربي، الذي دفــع بعض التيــارات الجهادية إلى التعبير عن بعض المراجعــات الجزئية من داخل النســق الفكــري الجهــادي، تعكس إلى أي حد يمكنها ضبــط إيقاعها مع التطورات السياســية والجتماعية. برزت عملية التكيف الأيديولوجي في مقاربات قدمها بعض قيادات القاعدة إضافة إلى ســلوكات الجهاديين في عدد من الدول العربية، بما فيها المغرب، لسيما المشاركة في مسيرات واحتجاجات إما بشكل مستقل أو بالمشاركة مــع الفعاليات الجتماعية الأخرى. وقد حملت هذه الفعاليات بين ثناياها تطورًا دال على نشاط هذه المجموعات والجماعات، تَمَثّل في العمل العلني من ناحية، وتخفيف حــدة النقد الأيديولوجي المعروف، ضمن أدبياتهــا، ضد الديمقراطية باعتبارها نظامًا ، المركز العربي للأبحاث " الإسلاميون وربيع الثورات: المُمارسة المُنتجة للأفكار " نواف القديمي، ((( . 27 ،ص: 2012 ودراسة السياسات، (2) Bruce Hoffman, “Al Qaeda’s Uncertain Future”, Studies in Conflict &Terrorism, 36:8, 2013, P: 636

140

Made with FlippingBook Online newsletter