الفصل الأول الجذور
منذ السبعينات من القرن الماضي ظهر جيل من الجماعات المسلحة بعدة دول اتخذ من منهج المصادمة مع الأنظمة القائمة والمفاصلة مع مجتمعاتها منطلقًا ((( عربية لنهجــه الثوري. وقد كان ظهور هذا النوع من الجماعات المتمردة إبان تلك المرحلة أحد إفرازات البيئة السياســية العربية ما بعد القومية العربية. ومن هنا، ل يمكن فهم تطور التيار الجهادي في المغرب من دون الرجوع إلى الظروف السياسية التي عاشها العالم العربي، والمملكة المغربية على وجه الخصوص. فالوقوف عند البيئة السياسية العربية خلال السبعينات من القرن الماضي يساعد على فهم بنية الفرص -أي العوامل الداخلية والخارجية التي تساعد أو تحد من قدرة الفاعلين الجتماعيين- التي أتيحت للمعارضة الإسلامية آنذاك، ويساعدنا أيضًا على معرفة طريقة استثمارهم لهذه الفرص لتحدي النظام القائم. أســهمت مجموعــة مــن العوامل في توفير ظــروف مواتية لصعــود المعارضة الإســ مية الراديكالية؛ فقد أدت حالة الختناق السياســي وقمع المعارضة الســلمية إلى تشــجيع المجموعات الســرية على النشاط في الهوامش خوفًا من قمع السلطات. كما أن فشــل تحقيق التنمية المنشــودة كرّس حالة من الحباط لدى فئات واسعة من الشــباب، لســيما الحضري منه والمتمدرس. ثم أخيرًا، أسهمت الهزائم التي لحقت بالحكومات العربية في صراعها مع إسرائيل إلى تراجع شعبية التيارات القومية العربية ومن ثم فتحت هذه الظروف الباب أمام تيارات دينية أكثر تشددًا، لما قدمته من وعود بمستقبل أفضل. أولً: بنية الفرص يُرجِع بعض الباحثين، وضمنهم جون إســبوزيتو، ظهــور تيارات العنف الديني وتراجع القومية العربية؛ حيث شــكّلت هذه الأحداث 1967 لهزيمــة يونيو/حزيــران مثل: الجزائر، والأردن، وسوريا، وليبيا، ومصر، والمغرب، والسعودية وغيرها. (((
15
Made with FlippingBook Online newsletter