خاتمة حــاول هذا الكتاب الحفر في جينيالوجيا التيار الجهادي بالمغرب عبر توصيف وتحليل مســار هذا التيــار والتوقف عند أهم المحطات المفصليــة لتطور هذا التيار وتذبذبه بين المحلية والعالمية، ورصد تأثير عولمة الجهاد على هذا التيار في المغرب. فقد نشــأت المجموعات التي تؤمن بالعنــف الديني في المغرب في البداية باعتبارها حركات مستوردة. وما نقصده هنا أنها لم تولد نتيجة ظروف موضوعية داخلية صرفة، الإخوان المسلمين " محنة " ولكنها تأثرت كثيرًا بالعوامل الخارجية بالأساس، لسيما في الســتينات، ثم لحقًا في الثمانينات والتســعينات مع الجهاد الأفغاني. فالتيارات الإســ مية في المغرب عمومًا، لم تعانِ من نفس حدة القمع الذي عاشــته التيارات الإسلامية في دول عربية أخرى مثل مصر وتونس والجزائر، إل أن الإسلاميين المغاربة ، أي الإحساس بالغتراب عن المجتمع والمفاصلة عنه. كما " نفسية المحنة " عاشــوا التي ســنحت لــولدة الجهادية العالمية؛ إذ " التاريخية " وفر الجهاد الأفغاني الفرصة وفرت أرضية مناسبة لبروز جيل جديد من المتطوعين المتحمس الذين يمزجون بين الأعمال الإغاثية-الإنسانية والأنشطة القتالية، جنبًا إلى جنب مجموعات مسلحة محلية مثل جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية المصريتين. وقد أدت سياسة النفتاح السياسي المحدودة التي سلكها الملك الحسن الثاني في التســعينات، بشكل غير مباشر وغير مقصود، إلى صعود التيار السلفي إلى واجهة الأحداث. فبعد حالة النقسام التي عرفها التيار السلفي في السعودية بعد حرب الخليج الثانية، ونتيجة تراجع إشعاع المؤسسات الدينية التقليدية مثل الزوايا الصوفية وعجزها عن أداء الأدوار التقليدية التي كانت تؤديها في التنشئة الدينية، بالإضافة إلى مناخ يتميز بالعداء ضد السياسات الأميركية بالمنطقة العربية برزت التيارات السلفية الجهادية في المغرب كحركة منشــقة ومنفصلة عن التيار الســلفي التقليدي، تؤمن بالعنف المسلح من منطلق عقائدي وتشكّك في شرعية النظام السياسي القائم. مع ذلك، بقيت الســلفية الجهادية في المغرب خلال بداية القرن الماضي حركة
189
Made with FlippingBook Online newsletter