الجهاديون المغاربة

ســتتم الإشــارة إليه لحقًا، حالة من التعايش الحذر مع نظام الحسن الثاني، ولكنهم بالرغم من ذلك عاشــوا نفس الإحســاس بالغربة والغبن، لسيما الجيل الأول الذي نشــأ في أحضان شــيوع كتابات المحنة الإخوانية في الســبعينات. وهذا ما قد يفسر الفشل الداخلي في بناء تنظيم عنفي قوي محليّا مقابل نجاح الإسلاميين المغاربة في تصديــر العنف إلى الخارج، باعتبار التصدير انتقالً إلى بيئات المحنة شــبه المفقودة في المغرب. لقــد كانت هــذه المجموعات في الأصل حركات تمرد ضــد الأوضاع القائمة اختلطــت فيهــا الحوافز والمظالــم الجتماعية مع الأيديولوجيــة الدينية. فالحركات الإســ مية المعارضة، في المغرب وغيره، كانت تمثل بالنســبة لمجموعة من الشباب المهمش جماعات انتماء يلجؤون إليها لتفريغ مكبوتات لم يستطيعوا الحصول عليها في نظام سياســي مغلق؛ فليس مفاجئًا أن يشــكّل الشــباب الحضري المُهَمّش أغلبية أعضاء هذه التنظيمات. بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت تضم في قيادتها مثقفين دينيين تخرجوا في المدارس العصرية، وينتمي أغلبهم إلى الطبقة المتوســطة المتدينة. فعلى سبيل المثال، كان أيمن الظواهري نموذجًا لهذا النوع من الشباب الحضري الغاضب، فقد كان طبيبًا وكانت معرفته الشرعية محدودة، إل أنه كغيره من الشباب المتدين كان يراود مخيلته الخطاب الرومانســي حول بناء دولة الخلافة وتطبيق الشــريعة باعتبارها الخلاص من الأزمة الوجودية وتحقيق المدينة الفاضلة في الواقع. ومن ثمة شــكّلت الأيديولوجية الثورية الإسلامية اللّحمة التي تجمع بين أعضاء هذه الجماعات. ورغم أن عددًا من التيارات الجهادية قد تعولمت في الثمانينات والتســعينات، إل أنها لم تكن كذلك في البداية. فأغلب هذه المجموعات اتخذت في مرحلة أولى ، أي الأنظمة " العدو القريب " طابعًا محليّا، بحيث كان التركيز منصبّا على المواجهة مع القائمة، والعمل على تغييرها من خلال اســتعمال العنف المســلح كأداة للوصول إلى الســلطة وتأسيس دولة إسلامية على المستوى القُطري. ولم يكن المغرب استثناء من هذه القاعدة. ثانيًا: ما قبل عولمة الجهاد برزت الإرهاصات الأولى للجماعات الإســ مية المتشــددة في المغرب بتواز مع نظيرتها التي ظهرت بالمشــرق وكأنها رجع صدى لهذه الأخيرة. وقد ارتبطت في

21

Made with FlippingBook Online newsletter