ثالثًا: الجهاد الأفغاني ســيعرف مسار الجماعات الإسلامية المســلحة تحولً دالّ منذ الغزو السوفيتي لأفغانســتان بداية الثمانينات؛ فقد وفرت أفغانســتان أرضية مناســبة لبروز جيل جديد من المتطوعين المتحمسين، استطاع أن يمزج بين الأعمال الإغاثية والأنشطة القتالية، وشكّل ملاذًا آمنًا للجهاديين الفارين من بلدانهم نتيجة القمع الذي تعرضوا له هنالك، . " الدولة الإسلامية " وأيضًا أرضًا للهجرة بالنسبة لمن كان يحلم بالعيش في كنف السياق الدولي إلــى حدود نهايــة الثمانينات من القرن الماضي، حــجّ الآلف من المتطوعين المســلمين من مختلف أنحاء العالم إلى أفغانســتان لمواجهة القوات الســوفيتية التي اجتاحت البلاد. لم يكن لهذا الزخم أن يحصل لول الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية التي كانت تدعم من دون تحفظ المجاهدين العرب والأفغان. ترجع أسباب هذا الدعم إلى رغبة السلطات السعودية آنذاك في تحسين صورتها في العالم الإسلامي باعتبارها مناصرة لقضايا المسلمين من جهة، وأيضا مرتبطة بحسابات سياسية داخلية لسيما رغبتها في تنفيس الضغط الداخلي عليها بعد تراجع أسعار النفط في منتصف . ومن هنا، عملت ((( الثمانينات وعدم قدرة الحكومة على توظيف خريجي الجامعات على تصدير الضغط الداخلي نحو الخارج عبر تشجيع الشباب المتحمس للتطوع إلى السفر نحو أفغانستان. لــم تكن الضغوط الداخليــة هي الدافع الوحيد وراء الدعم الســعودي للجهاد الأفغاني؛ فقد كانت تلك السياســة متوافقة موضوعيّا مع سياســات حلفائها الغربيين في إضعاف المعســكر الشــرقي. فقد عمدت السعودية إلى مشاركة الوليات المتحدة نفقات الحرب الأفغانية. فقد أشار توماس هيغهامر إلى أن الدعم الذي قدمته الحكومة تجاوز ذلك 1989 و 1984 السعودية للمجاهدين الأفغان في خمس سنوات بين سنتي . 1970 المقدم إلى منظمة التحرير الفلسطينية خلال عقدين من الزمن منذ تأسيسها سنة مليون 992 قدمت الحكومة الســعودية رسميّا ما مجموعه 1991 و 1978 فبين ســنتي ، (بيروت، الشبكة 1 توماسهيغهامر، الجهاد في السعودية، قصة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ط. ((( . 43 )،ص 2013 العربية للأبحاث والنشر،
30
Made with FlippingBook Online newsletter