الجهاديون المغاربة

الداخلية بعدة خصائص أبرزها أنها كانت تعبيرًا عن تحوّل ديمغرافي ومجالي ســريع إذ شــهدت حركة تمدين ســريعة بدون تخطيط، أدت ضمن نتائجها إلى تكدس مئات الآلف من المواطنين على هوامش المدن الكبرى في أحياء قصديرية شــكّلت أحزمة للفقر والبؤس، وأيضًا مجالً لنتشــار مختلف مظاهر الإجرام وانتشار المخدرات في . هذا السياق الجتماعي وازاه سياق أمني اتسم بضعف الأجهزة الأمنية ((( هذه المناطق وعدم قدرتها على أداء وظيفتها الأساســية في توفير الأمن، وهو ما فتح المجال أمام السلفيين لتعويض الضعف الأمني بطلب من المجموعات المحلية. وهذا مرتبط أساسًا بالمناخ السياســي العام الذي عاشــه المغرب في السنوات الأخيرة من حياة الراحل، الحســن الثاني، والذي تميز بحالة من النفتاح السياســي المراقَب بهدف التنفيس عن المجتمع والقوى السياســية التي عاشــت حالة من القمع خلال فترات سابقة وهو ما استغله السلفيون لصالحهم عبر محاولتهم استيراد تجربة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الســعودية. وقد تميزت تلك المرحلة أيضًا برجوع المقاتلين المغاربة من بؤر التوتر في أفغانســتان والشيشان والبوســنة، ومحاولة محاكاة تجارب مشابهة في دول إســ مية أخرى مثل مصر والســعودية في فترة السبعينات، إضافة إلى تأسيس الإمارة الإســ مية في أفغانســتان منتصف التسعينات التي شــكّلت نموذجًا ملهمًا لعدد من الشباب. في تلك الفترة بدأ يبرز وعي بتفرد التيار الجهادي وتميز منهجه في التغيير عن باقي التيارات الإسلامية الأخرى، وبدأت مجموعات صغيرة في التشكل بشكل متواز من دون أن تكون لها بالضرورة علاقات تنظيمية مباشرة. وهذا الوعي برز كنتيجة لعملية التأطير التي كان يقوم بها شيوخ التيار الجهادي بالمغرب للأتباع من خلال اعتماد مبدأ التعارض مع الأطروحات الأخرى التي كانت تجســدها الحركات الإسلامية المنافسة التيارات السلفية التقليدية، والإخوانية، والجماعات الصوفية، وكانت هذه الستراتيجية تعتمــد علــى تفنيد الأطروحات المضادة لتأكيد صوابيــة المنهج الجهادي. ومن هنا، 2 العدل والإحسان، و 1 توجهت أســهم النقد إلى التيارات الإسلامية الثلاثة الرئيسة: التيار السلفي التقليدي. 3 حركة التوحيد والإصلاح/العدالة والتنمية، و Selma Belaala , " Misère et djihad au Maroc ", Le Monde Diplomatique , Novembre ((( / 11 / 2004 . ) Accessed 15 January 2018 ( https :// www . monde - diplomatique . fr / 2004 BELAALA / 11654

54

Made with FlippingBook Online newsletter