مقدمة ، عاش المغرب على إيقاع سلســلة من 2003 مايو/أيار 16 فــي ليلــة الجمعة، التفجيرات النتحارية بمدينة الدار البيضاء التي اســتهدفت فنادق ومطاعم في وســط سنة في 31 و 22 انتحاريّا تتراوح أعمارهم ما بين 14 المدينة. ففي تلك الليلة انطلق الســاعة التاسعة والنصف ليً من هوامش المدينة يجمعهم العزم على تدشين مرحلة جديدة من تاريخ المغرب الدموي. لقــد أحدثت هذه التفجيرات الإرهابية رجّــة داخل الدولة والمجتمع؛ فقد كان يُعتقد أن المغرب في منأى عن ظاهرة الإرهاب نظرًا لتميز نظامه السياســي باســتقرار نسبي نتيجة مسار الإصلاحات الهرمية التدريجية التي انطلقت منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي واســتمرت مع صعود الملك محمد الســادس إلى ســدة العرش، . كانــت هذه الإصلاحات تحت رحمة الدولــة حيث تم التحكم في بناء 1999 ســنة المؤسســات كما جرت تقوية دور الأجهزة الأمنية، مما ســاعد على احتواء المعارضة بمختلف أطيافها، ولكنها في الوقت نفسه عجزت عن إدراك حالة من الإحباط المتنامي في هوامش المدن، والتي أدت بهؤلء الشباب إلى تفجير أنفسهم. وقــد ركــزت مختلف التحليلات علــى البعد الأمني لتفجيرات الــدار البيضاء وحاولت تســليط الضوء على التهديدات الأمنية العابرة للحدود، والحاجة إلى اعتماد مقاربــة أمنيــة جديدة لمواجهــة التهديدات الأمنية العابرة للحــدود التي انطلقت منذ . 2001 سبتمبر/أيلول 11 الهجمات الإرهابية على برجي مركز التجارة العالمي، يوم وقــد أدى التركيــز علــى تحليــل العوامل الأمنيــة إلى إغفال جــذور الظاهرة ، كانت إشارة 2003 والعوامل العميقة التي أدت إليها؛ فتفجيرات الدار البيضاء، ســنة عن حالة الحتجاج ضد الإقصاء " انفجاريّا " علــى تحولت اجتماعية عميقــة وتعبيرًا الجتماعي وحالت اليأس التي أصابت فئة من الشــباب الذي لم يســتفد من ثمار التنمية. وبالرغم من أنه ل يمكن اختزال ظاهرة الإرهاب بعامل الفقر فقط، إل أنه ل يمكن القفز على مسألة التهميش القتصادي وما يرتبط به من إحساس بالغتراب عن المجتمع لفهم وتفسير التطرف الديني. فالخلفيات الجتماعية لمنفذي تفجيرات الدار البيضاء تشير إلى أنهم جميعًا ضحايا وضعية تتسم بالإقصاء القتصادي والجتماعي،
5
Made with FlippingBook Online newsletter